دير القمر، درّة جبل لبنان !
هي بلدة التاريخ العريق، هي بلدة المعالم الأثرية التي لا تعد ولا تحصى، هي بلدة الكنائس والأماكن الدينية التراثية. هي بلدة متحف الشمع الأول في الشرق الأوسط، هي بلدة الأمراء الشهابيين والمعنيين، هي بلدة لا يمكنك زيارتها دون الغرق في تفاصيلها وزواياها الساحرة، هي بلدة الألقاب العديدة مثل عاصمة لبنان القديم، هي بلدة القصور الأثريةإنّ هذه البلدة هي بلدة دير القمر من قضاء الشوف !
موقع بلدة دير القمر:
تقع بلدة دير القمر في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ٨٥٠ و ١٠٥٠ متراً. تبعد بلدة دير القمر عن عاصمة لبنان مدينة بيروت حوالي ٣٥ كيلومتراً فيما تبعد عن بلدة بيت الدين جارتها في قضاء الشوف ٥ كيلومتر فقط.
معنى اسم بلدة دير القمر:
اكتسبت بلدة دير القمر العديد من الألقاب والأسماء نسبةً لأهميتها وتاريخها العريق. فقد أطلق عليها قديماً درّة جبل لبنان. كما سمّلها البعض قديماً عاصمة لبنان القديم وتحديداً خلال حكم الأمراء المعنيين والشهابيين. مثل الأمير فخر الدين الذين تركوا فيها معالم أثرية مختلفة في أرجائها. أمّا معنى كلمة دير القمر فقد اختلف على تفسيرها المؤرخون وأهالي البلدة. حيث يعتقد البعض أنّها سميت بهذا الاسم بسبب وجود نحت على جدار كنيسة في دير القمر على شكل هلال فوقه صليب ويتوسطه قمر. في حين أنّ المقولة الثانية تقول أنّ عدد من الرهبان كانوا يقوموا بإعادة بناء دير على ضوء القمر في الليل نتيجة عملهم في النهار مما جعلها بلدة دير القمر.
آثار بلدة دير القمْر:
سبق وأن تكلّمنا عن بلدة دير القمر وأهميتها التاريخية الأثرية فقد احتوت منذ مئات السنوات الكثير من الشعوب العريقة. التي تركت الكثير من المعالم داخل بلدة دير القمر الجميلة. بدايةً مع بركة البلدة التي تعتبر العمود الفقري للبلدة. تقع البركة في ساحة البلدة أو الميدان وهي بركة تأخذ مياهها من نبع الشالوت وتعود إلى القرن التاسع عشر. يقصدها السياح للاستمتاع بمياهها الباردة طوال فصل الصيف. على أطراف هذه البركة تنتشر الكثير من المعالم الأثرية مثل سراي الأمير فخر الدين الذي بني في أوائل القرن السابع عشر.
تزيّن السراي بوابته النحاسية والمزخرفة بالأحجار الملونة. ما يزيد من قيمة هذا السراي هو وجود متحف شمع فيه يحتوي على أكثر من ١٥٠ تمثال من الشخصيات السياسية المهمة التي تنفذ وتصنّع في باريس في فرنسا. ثانياً مع القيسارية أو المكان الذي بني لحياكة النول والحرير في عام ١٥٩٥. اشتهر اسم الخان في الأسواق الأوروبية لجمال القطع التي تمت فيها. أما اليوم فهي دار للثقافة الفرنسية. تلي القيسارية بناية الخرج التي بناها الأمير فخر الدين الثاني لتخزين المؤن والبضائع والأسلحة. أطلق عليها هذا الاسم من قبل الأمير بشير الثالث الذي كان يوزّع الخرج أي حصة من الطحين للناس من أعلى البناية.
بالإضافة إلى وجود سراي الأمير ملحم الشهابي الذي سكن فيه لسنوات كثيرة. قصر الأمير يونس معن الذي بني في عام ١٦١٣، قصر الأمير أحمد الشهابي الذي تم إكمال بناؤه وانتقلت ملكيته إلى سمير باز صاحب متحف الشمع وأخيراً الحمام التركي الذي أصبح نادراً ولم يبقى منه إلّا في طرابلس وصيدا.
السياحة الدينية في دير القمر:
تتميّز بلدة دير القمْر بوجود عدد مهم من المعالم الدينية الروحية. التي تعكس اختلاف الطوائف فيها منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. من أبرز هذه المعالم هو مسجد الأمير فخر الدين الأول المعني الذي بني في عام ١٤٩٣ ميلادي. إضافةً إلى أنّه المسجد الأول في الجبل تعلوه مئذنة ذات ثماني زوايا. يمكن الوصول إليها عن طريق سلّم مؤلف من خمسين درجة. كما تنتشر فيه الرسومات الإسلامية من الداخل والتي شكّلت إلهاماً للكثير من الفنانين العالميين. ولا يمكننا أن ننسى الكنائس الأثرية التي ما زالت صامدة وشامخة في بلدة ديرالقمْر مثل كنيسة سيدة التلة العجائبية، كنيسة سيدة النجاة. كنيسة سيدة الفقيرة وكنيسة مار جرجس التي تعتبر جميعها كنز ديني يبرز مدى تعلق أهالي بلدة دير القمْر بالتعاليم الدينية.