جاج، بلدة ساحرة من قضاء جبيل !

هب بلدة الأرز المعمّر، هي بلدة الكنائس الأثرية القديمة، هي بلدة تربية النحل وإنتاج العسل الأصلي، هي بلدة النحت والفن على الصخر، هي بلدة الهوّات الصخرية الشامخة، هي بلدة الكرم والضيافة، هي بلدة المونة البلدية والزراعة البعلية، هي بلدة البيوت التراثية ذات العمارة العريقة. إنّ هذه البلدة هي بلدة جاج المميزة !

موقع بلدة جاج:

تقع بلدة جاج في قضاء جبيل وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ١٢٠٠ و ٢٠٠٠ متراً. تمتدّ البلدة على مساحة ١٣٠٠ هكتار أي ما يعادل ١،٣ كيلو متر مربّع. تبعد بلدة جاج عن عاصمة لبنان بيروت حوالي ٦٨ كيلومترًا.

معنى اسم بلدة جاج:

على عكس البلدات اللبنانية التي تتعدّد التفسيرات حول اسمها، اتخذت بلدة جاج معنى واحداً و واضحاً مناسباً لها. بناءً على كتاب الدكتور أنيس فريحة الخبير بإعطاء معاني لأسماء بلدات لبنان. يعود اسم بلدة جاج إلى الآرامية وهو يعني القمة المتوجة بالثلوج. ينطبق هذا الاسم على البلدة فهي تتمتع بطبيعة صخرية وتكثر فيها القمم العالية التي تتوج بالثلوج في مواسم الشتاء الباردة.

جاج

تمتدّ البلدة على مساحة ١٣٠٠ هكتار أي ما يعادل ١،٣ كيلو متر مربّع.

غابة أرز جاج:

من أهم وأجمل المميزات التي تجعل بلدة جاج بلدة مميزة عن غيرها من البلدات اللبنانية هي وجود غابة الأرز التي تنمو على أرض وجبال صخرية. في ١٥/٤/٢٠١٤ تم إعلان هذه الغابة محمية طبيعية بشكل رسمي. تحتوي الغابة على ٢٠٠ أرزة معمّرة يتجاوز عمرها آلاف السنين. يعود تاريخ هذه الغابة إلى الفينيقيين الذين أخذوا من أرزها الخشب وصنعوا من خلاله السفن ونقلوا الحرف إلى العالم. ويردد أهالي بلدة جاج دوماً عند التكلم عن غابة الأرز عبارة تقول: “على جذع شجرة أرز من جبل جاج، حمل الجبيليون الحرف والحضارة إلى العالم ! ” ويقصد بالجبيليون أهالي جبيل التي سكنها الفينيقيون قديماً.

في عام ٢٠١٧ تم تأسيس لجنة خاصة بهذه الغابة وبالتعاون مع البلدية تم زرع ٢٠٠٠ شجرة أرز جديدة في المحمية. أطلق أهالي بلدة جاج لقب ست الكلّ على أضخم شجرة أرز في الغابة والتي تحتاج إلى ١٣ شخص لاحتضان جذعها من الأسفل ويبلغ عمرها آلاف السنين. كما أنّ وجود كنيسة تجلّي الرب أضاف أهمية لهذه الغابة بدرجة عالية. تاريخ تأسيس الكنيسة قديم تحديداً في عام ١٨٩٥ وقد أقيم أول قديس فيها في عيد تجلّي الرب من هذا العام. يبلغ طول الكنيسة ١٢ متراً وعرضها ستة أمتار وهي مصنوعة بشكل تام من الحجر الطبيعي الأثري.

جاج

هب بلدة الأرز المعمّر، هي بلدة الكنائس الأثرية القديمة

السياحة الدينية في جاج:

تكتنز بلدة جاج في أحيائها على العديد من الكنائس التي بقيت من زمن الفينيقيين والشعوب القديمة التي مرّت على البلدة. من أبرز هذه الكنائس هي كنيسة مار عبدا، سيدة النجاة، يعقوب المقطع، مار ضوميط وكنيسة الرب. يعود تاريخ كل من كنيسة مار عبدا وسيدة النجاة وكنيسة الرب إلى عام ١٨٩٧وهي كنائس أثرية حجرية سياحية. أمّا كنيسة مار ضوميط فهي بنيت كقسمين الأولى دير اتخذه خمسون كاهناً كملجأ للعبادة والثانية كنيسة دينية تقع في أعلى الجبل. هذا بالإضافة إلى وجود عدد من الأديرة الصغيرة التي تقع إلى جانب البيوت السكنية في البلدة.

الهوّات والبواليع في جاج:

سبق وذكرنا أنّ طبيعة بلدة جاج طبيعة صخرية مما أدّى إلى انتشار المجسمات الصخرية فيها في كل مكان. تحتوي بلدة جاج على عدد كبير من الهوّات والبواليع الصخرية والتي يبلغ عددها ١٤ هوّة. تعني الهوّة الحفر الصخرية العميقة وقد أطلق عليها أهالي البلدة لقب الثلاجات لأنّها تخزّن الثلوج من فصل الشتاء إلى فصل الصيف ويستفيد الأهالي من هذه المياه لري المزروعات والأراضي الخضراء فيها. يتجاوز عمق بعض هذه الهوّات ٣٠ متراً وهي تشكّل معلم سياحي مهم يستقطب زيارة الكثير من السائحين من جميع البلاد.

البيوت التراثية في جاج:

تعتبر بلدة جاج كنز غني بالتراث وبلدة مليئة بالبيوت الأثرية ذات العمارة القديمة العريقة. تتعدّى هذه البيوت أصابع اليد وهي تشكّل معالم سياحية وأثرية في الوقت عينه. حافظ أهالي بلدة جاج على هذه البيوت ومن أهمها بيت سعادة راجي الذي يمتدّ على مساحة ٧٠٠ متر مربّع مزيّن ومصنوع بالحجر بطريقة يدوية على يد مالكه سعادة. أمّا بيت فرحات الذي بني في عام ١٨٧٠ ويمتدّ على مساحة ٥٧٠ متر مربع. ولا يمكننا أن ننسى البيت الذي تظلله سنديانة ضخمة كان يتم تدريس الطلاب تحتها قديماً. بالإضافة إلى عدّة قصور تعود إلى تاريخ ١٩١٢.

عند التحدث عن التراث والآثار لا نستطيع نسيان جسر جاج التاريخي الذي بني في عام ١٩٣١ في عهد رئيس الجمهورية شارل دباس بطلب من رئيس المعارف والفنون الجميلة آنذاك جبران تويني. يعدّ هذا الجسر همزة وصل بين منطقة عمشيت ومدينة جبيل و هو يتميّز بعمارته الهندسية القديمة التي يتخللها قناطر عديدة عن يمينه ويساره.

جاج

هي بلدة تربية النحل وإنتاج العسل الأصلي، هي بلدة النحت والفن على الصخر

الزراعة وتربية النحل في جاج:

بالرغم من طبيعة جاج الصخرية إلا أنها تحتوي على بعض الأراضي الزراعية وهي مساحات بعل أي تنمو فيها الثمار دون ري. من أهم المنتجات الزراعية هي التفاح، الدراق، الكرز والخوخ والكثير من الخضار الطازجة. كما يعتبر أهالي بلدة جاج تربية النحل مصدر رزق أساسي لهم حيث يتم إنتاج أجود أنواع العسل الذي يتغذّى من أكثر من ألف نوع من الزهر الجبلي ومئات الأعشاب الطبية. هذا بالإضافة إلى وجود عدد من أشجار السنديان والعفص واللزاب التي تساهم في تأمين الغذاء للنحل مما يساعد في تحسين طعم وجودة العسل.

متحف النحات بطرس فرحات:

لا تقتصر السياحة في بلدة جاج على السياحة البيئية والدينية فقط بل تتعدّى ذلك بوجود متحف ثقافي فني فيها يعتمد على موهبة النحات بطرس فرحات في النحت إنشاء قطع فنية نادرة لا يمكن إيجاد شبيه لها. بدأ فرحات رحلته مع النحت في عام ١٩٩١ وأسس متحفاً يحتوي على أكثر من ١٨٥ قطعة فنية. ينقسم المتحف إلى قسمين قسم داخلي وخارجي في الطبيعة. استخدم النحات أنواع عديدة من الصخر مثل الوطني والإيطالي وغيرها. يفتح المتحف أبوابه دائماً لاستقبال السائحين والزائرين مجاناً دون أي مقابل.