بنت جبيل، عاصمة المقاومة !
هي بلدة ضحّت بالكثير من أبنائها دفاعاً عن الوطن بوجه العدو الإسرائيلي. هي بلدة سوق الخميس الشهير الذي يستقطب عدد كبير من الزائرين، هي بلدة الآثار والمعالم التاريخية التراثية، هي بلدة المهرجانات السنوية، هي بلدة المسجد الأثري الكبير. إنّ هذه البلدة هي بلدة بنت جبيل العريقة !
موقع بنت جبيل:
تقع بلدة بنت جبيل في قضاء بنت جبيل الذي يحمل اسمها عاصمة له وتنتمي إلى محافظة النبطية في جنوب لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ٧٥٠ و ٨٠٠ متراً. تمتدّ البلدة على مساحة ٩٠٠ هكتار أي ما يعادل ٩ كيلو متر مربّع. تبعد بنت جبيل عن عاصمة لبنان مدينة بيروت ١٢٠ كيلومترًا.
معنى اسم بلدة بنت جبيل:
اختلفت التفسيرات التي تشرح معنى اسم بلدة بنت جبيل وتعدّدت حسب وجهات نظر الأدباء. فقد قال العلامة محسن الأمين أنّ كلمة بنت هي مؤنث كلمة ابن و جبيل هي مصغّرة عن كلمة جبل. أمّا الدكتور أنيس فريحة فقد أعاد الاسم إلى اللغة الفينيقية. حيث ترمز كلمة بنت إلى بيت و جبيل تعني صناعة الخزف وبهذا تكون بلدة صناعة الخزف وهي صناعة اشتهرت بها بلدات الجنوب قديماً. وأخيراً القصة الأكثر تداولاً عن اسم البلدة هي أنّ أميرة من أميرات مدينة جبيل هربت من الزواج الإجباري عن طريق الضغط وأتت إلى هذه البلدة وأنشأت إمارة صغيرة لذلك سمّيت بنت جبيل.
سوق الخميس في بنْت جبيل:
هو من أجمل وأهم مكونات بلدة بنت جبيل التراثية الشعبية. نشأ هذا السوق منذ القرن السابع عشر وهو عبارة عن بسطات مظللة بالشماسي تعرض منتجاتها كل نهار خميس في ربوع السوق. كان التجار يقصدون هذا السوق من فلسطين والشام وكل المناطق المجاورة لبنت جبيل. حتى يومنا هذا يستقطب سوق الخميس الكثير من أهالي حاصبيا، الناقورة والبقاع إضافةً إلى المغتربين من أميركا وأستراليا. يتم بيع الكثير من الأصناف والأنواع في سوق الخميس مثل الخضار، الفاكهة، الألبسة، الأدوات المنزلية والقطع التذكارية التي تحمل خريطة لبنان.
الزراعة في بلدة بنا جبيل:
اشتهرت بلدة بنت جبيل بزراعة العنب، القمح والزيتون ولكنّ التبغ قديماً كان يحتلّ المركز الأول فيها فقد تم إنشاء مكتب ريجي في عام ١٩٣٥. ولكن مع مرور السنوات وتغير المواسم الزراعية في البلدة أصبحت الزراعة تعتمد على الزيتون والعنب و الزراعات البعلية.
آثار بلدة بنْت جبيل:
شهدت بلدة بنْت جبيل على الكثير من الحضارات والشعوب القديمة التي مرّت فيها وتركت آثار عديدة يتجاوز عمرها آلاف السنين. بالرغم من تدمير معظم هذه المعالم بسبب حرب تموز في العام ٢٠٠٦ وبالرغم من أنّ العدو الإسرائيلي قام بأخذ الكثير من الآثار من الأراضي اللبنانية إلّا أنّ القليل منها بقي صامداً في بلداتنا. من أهم هذه المعالم هي المدافن الرومانية البيزنطية التي نقشت بكتابات ترمز أنها تعود إلى تلك الشعوب. كما يوجد مقبرة كنعانية يتجاوز عمرها آلاف السنين. وما يدلّنا على تاريخ البلدة العريق هو وجود المسجد الكبير في بنت جبيل. والذي يعود آخر ترميم له إلى عام ١٠٣٤ أي من حوالي ٣٠٩ سنوات. هو مسجد ضخم يمتدّ على مساحة كبيرة يتميّز بعمارته التراثية الجميلة. ولا يمكننا أن ننسى البيوت الأثرية القديمة التي كان يتجاوز عددها ٤٠٠ بيت وقصر ولكنّها دمّرت أيضاً في الحروب ولم يتم ترميم أو إصلاح منها سوى مئة بيت تقريباً.
بركة بنْت جبيل التراثية:
تعتبر بحيرة بلدة بنت جبيل من أقدم البحيرات الموجودة في جبل عامل. لم يعرف من أسس هذه البحيرة لأنّها قديمة العهد ويعود تاريخها إلى أكثر من مئة عام. حازت البحيرة على عمليات صيانة وترميم عديدة شملت جدران الدعم. ما يميّز هذه البحيرة هي أنها تجمع مياهها من مياه الأمطار وتشكّل ملجأ الأسماك الملونة التي تدعى أسماك الزينة والقليل من البط الأبيض.
صناعة الأحذية في بنْت جبيل:
تكتنز بلدة بنْت جبيل على أيادي عاملة فيها تقوم بإنتاج أجود أنواع الأحذية بشكل يدوي دون الاعتماد على الآلات الحديثة. ظهرت هذه الحرفة والصناعة منذ عام ١٩٢٠ وكانت تتواجد في بنْت جبيل حوالي ٤٥٠ معمل لصناعة الأحذية أي يمكننا القول أنّها كانت مصدر رزق أساسي لأهالي البلدة. لكن بعد الحرب تم تدمير كل هذه المعامل ولم يبقى منها سوى أربعة. يقوم الرجال بتصنيع أحذية رجال من الجلد الأصلي تضاهي الأحذية الإيطالية والتركية لجودتها العالية. كما يقومون بإنتاج أحذية شيموا وأحذية مشمّعة حسب الطلب إضافة إلى قدرتهم على إصلاح جوز الأحذية من جديد لتعود كأنّها صنّعت الآن.
ملعب بنت جبيل البلدي:
لم تقتصر المعالم التراثية البلدية في بنْت جبيل على الآثار فقط بل تعدّت هذا بوجود ملعب بلدي رياضي يلبّي رغبات وهوايات الشباب من مختلف الأعمار. منذ حوالي ٨ سنوات تم إعادة فتح الملعب وترميمه وتنظيمه بعد الحرب التي أثّرت عليه. يتمّ في هذا الملعب إقامة مباريات كرة القدم والمهرجانات السنوية وغيرها من المناسبات أيضاً.