شحيم، بلدة نموذجية من إقليم الخروب!

شحيم

هي بلدة الثقافة والمتعلمين الذين تتعدّى نسبتهم ٩٠٪؜، هي بلدة من أكبر بلدات الإقليم، هي بلدة الزيتون والزيت الأصلي المطحون يدوياً بكل حب، هي بلدة الأصالة والصدر الرحب، هي بلدة الحياكة التقليدية الفريدة، هي بلدة تغلّبت على الزلازل بفضل الله وحفرت في باطنها فالق صخري يدعى شق العجوز. إنّ هذه البلدة هي بلدة شحيم من قضاء الشوف !

موقع بلدة شحيم:

تقع بلدة شحيم في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ٤٥٠ و ٧٥٠ متراً. تمتدّ البلدة على مساحة ٨٨٠ هكتار أي ما يعادل ٨،٨٠ كيلو متر مربّع وهي إحدى أكبر بلدات القضاء وعاصمة إقليم الخروب. تبعد بلدة شحيم عن مدينة بيروت عاصمة لبنان ٤٧ كيلومتراً فيما تبعد عن بيت الدين مركز القضاء ١٦ كيلومتر.

معنى اسم بلدة شْحيم:

تعدّدت التفسيرات التي تشرح معنى اسم بلدة شحيم. ولكنّ التفسير الأقرب إلى واقعية البلدة هو تفسير الدكتور أنيس فريحة الذي أعاد أصول اسم بلدة شحيم إلى اللغة السريانية الآرامية. يعني اسم بلدة شحيم كتاب الصلاة والخصوبة. ينطبق هذا الاسم على بلدة شحيم حيث تحتوي على عيون وينابيع خصبة تروي أراضي البلدة كلّها.

آثار بلدة شحيم:

تكتنز بلدة شحيم في أراضيها على الكثير من الآثار والمعالم التاريخية  التي تعكس الطابع التاريخي الأثري لها والذي يعود إلى عهد العصر الحجري والشعوب القديمة مثل الرومان والفينيقيين وغيرهم. من أهم المعالم الأثرية هو قصر شحيم وهي منطقة تضمّ عدّة مباني أثرية ودينية وكنائس تعود إلى عهد الرومان والبيزنطيين.

يمتدّ هذا الموقع على مساحة ٦٠٠ هكتار أي ٦ كيلو متر مربّع وعلى ارتفاع ٤٠٠ متراً. يتألّف الموقع من معبد روماني يعود إلى القرن الأول ميلادي لعبادة إله الشمس وهو يتزامن مع نشأة قلعة بعلبك. كما يحتوي على كنيسة بيزنطية تعود إلى القرن الرابع ميلادي على أثر انتشار الديانة المسيحية. تتميّز الكنيسة بوجود قطع من الموزاييك الملونة على مدخلها. بالإضافة إلى وجود عدد كبير من معاصر الزيتون والعنب التي تتعدّى حاجة أهالي شحيم ويقال أنّها كانت تؤجّر للضيع المجاورة من أجل كسب الأموال.

لا يمكننا أن ننسى المطاحن التقليدية التي تتوزّع في أراضي البلدة وتنتشر بها. يبلغ عدد هذه المطاحن ٦ وهي كانت تؤّمن حاجة السكان في طحن القمح، الذرة، الزعتر، الملح وجميع أنواع الحبوب.

ْالحارة العتيقة في شْحيم:

تتميّز بلدة شحيم بوجود الحارة الشمالية العتيقة التي تشكّل منطقة سكنية أثرية تاريخية في البلدة. جمعت هذه الحارة بين الشعوب القديمة والشعوب الحديثة وتطوّرت وتغيّرت مع الكوارث الطبيعية التي طرأت عليها مثل زلزال عام ١٧٩٦ زلزال ١٩٥٦ والحروب والاستعمارات. كانت هذه المنطقة عبارة عن بيوت مبنية على الطراز الروماني ولكن بعد الزلزال انطوت هذه المرحلة ونشأت بعد وقت البيوت الإسلامية التي بقيت صامدة حتى بعد زلزال ١٩٥٦. تتسم هذه البيوت بأنّها حجرية من الخارج و مجبولة من الشعير من الداخل. كما أنّها بيوت متلاصقة يمكن التنقل فيها عبر السطوح. ولا يمكننا أن ننسى البوابتين الأثرييتين اللتين تشكّلان رمز الأمان لهذه الحارة.

السياحة الدينية في بلدة شحيم:

تعتمد السياحة الدينية في شحيم على المقامات والمزارات الدينية القديمة والتي تعود إلى العصر العباسي والعصر العثماني. هي مقامات لشخصيات دينية ومشايخ سعت وتوفيت في مسار الدين مثل مقام الشيخ عبدالله وعائشة البدوية. هذا بالإضافة إلى وجود بعض المساجد التي يبلغ عمر أحدها أكثر من ٨٠٠ سنة مثل مسجد العجمي.

ْالعيون والينابيع في شحيم:

سبق وذكرنا أنّ معنى اسم بلدة شْحيم بلدة الخصوبة يعود إلى كثرة العيون والينابيع فيها والتي جعلت أراضيها أراضي خصبة وغنية. تكثر العيون الأثرية في شخيم ومن أهمها عين التينة، عين شوعا، عين الخربة وعين الفخارة. ساهمت هذه العيون مع وجود نهر شحيم باستقطاب عدد كبير من السكان منذ سنوات كثيرة وشجّعت الأهالي على الزراعة واستغلال الأراضي الخضراء الخصبة. بالرغم من كثرة هذه العيون إلّا أنّ البعض منها جفّ ولم يعد قادر على ري أراضي وخزانات البلدة.

صناعة الغزل في شحيم:

امتاز أهالي بلدة شْحيم منذ القدم بهواية وحرفة الغزل من أجل صناعة الخيم والبيوت البدوية التي ورثوها من أيام النبي عليه الصلاة والسلام. تعتمد هذه الحرفة على حياكة شعر الماعز وصوف الغنم على دواليب النول ونصبها على شكل خيم بهدف السكن. كانت هذه الخيم تصدّر إلى بلاد الخارج وخاصة الخليج الذين اشتهروا قديماً بهذا النوع من السكن. مع تطور الحياة مع الأسف لم تعد هذه الخيم تستخدم مما أدّى إلى الابتعاد عن هذه الحرفة.

تعرف أكثر على بلدة بعذران!