بينو، لؤلؤة عكّار!
بينو,
تعتبر عكّار أجمل الأقضية اللبنانية التي تضمّ العديد من البلدات ذات الطبيعة الخلّابة. رحلتنا اليوم إلى أجمل البلدات العكّارية. صنّفت كمركز اصطياف في العام ١٩٦١. ألقي عليها لقب لؤلؤة عكّار في عام ٢٠١٨ لشدّة جمالها وغناها. تملؤها البيوت المتوّجة بالقرميد الأحمر والتي تعود إلى القرن التاسع عشر. تحتوي هذه البلدة على مختلف المعالم الأثرية والطبيعية التي تشكّل ملجأً للناس و السائحين للاستمتاع بعيداً عن ضجّة المدن. إنّ هذه البلدة العكّارية المميّزة هي بلدة “بينو”.
موقع بلدة بينو ومساحتها:
تقع بينو في قضاء عكّار. تبعد بينو نحو ١٣٠ كلم عن بيروت عاصمة لبنان و ١٤ كلم عن منطقة حلبا. يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر من ٥٠٠ إلى ٧٠٠متر. تمتد بينو على مساحة ٩،٦ كلم مربّع.
سبب تسمية بلدة بينو:
اختلف الناس في ذكر سبب تسمية البلدة بهذا الاسم. حيث يقول البعض أنها أخذت من كلم “بيت يونو” السريانية والتي تعني هيكل جونو التي ترمز للآلهة الرومانية شفيعة النساء. فيما ذهب البعض الآخر مع التفسير الذي يقول أنها أخذت من كلمة بيني التي تعني عيد أو مهرجان.

تملؤها البيوت المتوّجة بالقرميد الأحمر والتي تعود إلى القرن التاسع عشر
محميّة بينو:
تم إنشاء هذه المحمية في عام ٢٠٠٠ بهدف حماية مختلف أنواع الحيوانات والطيور والنباتات المهدّدة بالانقراض. تتألّف المحمية من قسمين مختلفين. قسم هو عبارة عن غابة فوق الجبل أمّا القسم الثاني فهوعبارة عن بحيرة اصطناعية كبيرة. تبلغ المساحة الإجمالية للقسمين حوالي مئة ألف متر مربّع. بنيت المحميّة على يد نائب رئيس الوزراء السابق عصام فارس.
تتسع بحيرة بينو نحو ٧٥ ألف متر مكعّب من المياه ويبلغ طول محيطها ٣٥٠ متر ويبلغ عمق المياه فيها حوالي تسعة أمتار. تحيط الأشجار الخضراء البحيرة من جميع الجوانب. بالإضافة إلى وجود المقاعد على الأرصفة التي تلتف عليها ليستطيع الزوّار الجلوس أو السير والتنزه أثناء مشاهدتهم للبحيرة. في فصل الشتاء تمتلئ البحيرة من مياه الأمطار أمّا في فصل الصيف فيتم تعبئتها من خلال بئر مياه خاص بها كي تحافظ البحيرة على مستوى المياه المعهود فيها.
تضمّ الغابة الجبلية الكثير من أنواع الطيور والحيوانات التي كانت مفقودة منذ ثمانية عقود. إنّها مليئة بحيوان الغزال أو الرّيم النادر على سبيل المثال. أمّا النباتات والأشجار فتحتوي الغابة على أهم أنواع الأشجار التي تتمثّل بالسنديان والصنوبر والخرّوب والنباتات البرّية التي تتنوّع بين الأقحوان والنرجس وشقائق النعمان والقصعين. تشكّل المساحة الخضراء ثمانين بالمئة من مساحة المحمية وتطلّ على أجمل المناظر الطبيعية كميناء طرابلس و جبال القموعة والقرنة السوداء. كانت المحمية تغلق أبوابها في أغلب الأحيان خوفاً من عمليات صيد الطيور والحيوانات التي تهدّد حياة هذه الكائنات وتمنع استقرارهم.

يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر من ٥٠٠ إلى ٧٠٠متر. تمتد بينو على مساحة ٩،٦ كلم مربّع.
الزراعة في بينو:
تحتلّ زراعة الزيتون المركز الأول في بينو فهي بلدة تشتهر بأجود أنواع الزيتون وزيت الزيتون. تضمّ البلدة نحو مئة وخمسين ألف شجرة زيتون. يتم عصر محصول الزيتون في المعاصر الثلاث الموجودة في البلدة. بالإضافة إلى زراعة الزيتون يتم زراعة الجوز والرمّان وموسم القمح أيضاً. جميع المزروعات تتم من خلال استخدام أسمدة عضوية لضمان جودة المحاصيل الزراعية.
صناعة الشمع في بينو:
إنّها واحدة من أجمل الصناعات التي تميّز بلدة بينو وتعطيها طابع حرفي خاص بها. تتم صناعة الشمع على الطريقة اليدوية التي تعتمد على التغطيس. حيث يتم وضع الخيوط وتجميعها على البراويز الحديدية. توضع هذه البراويز على منشر يتسع لحوالي ١٥ برواز. في هذه الأثناء تتم إذابة مادة الشمع على الغاز و تنزيل كل برواز في مادة الشمع على عدّة مراحل لتتشكّل لدينا أخيراً الشموع.
صناعة الصابون:
تتميّز بلدة بينو بصناعة الصابون أيضاً. ولكن لهذا الصابون ميزة خاصة تجعله يفوق باقي أنواع الصابون لأنّه مصنّع فقط من زيت الزيتون المعتّق لعدّة سنوات بدون أي إضافات أو معطّرات. كما يتم استخدام في هذه الصناعة اليدوية نبتة المريمية التي تقوّي بصيلة الشعر وجلدة الجسم. يقصد أبناء البلدات المجاورة في عكّار والمناطق البعيدة أيضاً بلدة بينو لشراء هذا الصابون البلدي.

لا يمكننا ذكر الآثار في القرية دون تسليط الضوء على بيوتها الأثرية التي تحلّت بالقرميد الأحمر على رأسها
المونة في بينو:
تشتهر بالإضافة إلى صناعة الشمع والصابون بصنع المونة على أيدي نساء البلدة. حيث تقوم النساء باستغلال المحاصيل الزراعية كزراعة البندورة لطبخ رب البندورة اللذيذ. بالإضافة إلى طبخ دبس الرمّان من محاصيل الرمان و صناعة مختلف أنواع الخل التي تتم على اليد فقط الأمر الذي يجعل هذه المونة لذيذة وذات جودة عالية يتهافت الزوّار لتذوّقها وشراء ما يحلو لهم منها.
المعالم الأثرية فيها:
لا تقتصر ثروة بينو على الثروة الطبيعية الزراعية فقط بل تعدّت ذلك بوجود العديد من الأماكن الأثرية القديمة. تتمثّل هذه الأماكن بوجود الكنائس الدينية في أرجاء بلدة بينو العكّارية. توجد في بينو كنيسة القديس “ثيودوروس” و مزار السيدة وكنيسة القديسين سرجيوس وباخوس.
تعدّ كنيسة ثيودوروس الأجمل في البلدة. تم بناؤها على أنقاض معبد روماني قديم. بدؤوا بإنشائها في عام ١٨٢٠ وانتهوا في العام ١٨٤١. تتميّز هذه الكنيسة بالأيقونات الدينية التي تملأ جدرانها. بنيت الكنيسة من حجارة بلدة بينو التي تشتهر بمقالع الحجارة فيها.
لا يمكننا ذكر الآثار في بينو دون تسليط الضوء على بيوتها الأثرية التي تحلّت بالقرميد الأحمر على رأسها. بنيت هذه البيوت من الحجر الفخم على يد أبناء البلدة الذين هاجروا في القرن الثامن عشر إلى أميركا اللاتينية وعادوا لبناء بيوت فخمة لهم. في عام ١٩١٠ تم دخول الاسمنت إلى عكّار ومنذ ذلك الوقت ظهرت البيوت الاسمنتية في بينو.