نيحا، بلدة سياحية متكاملة
هي منشأ عملاق الفن اللبناني وديع الصافي، هي بلدة تاريخية عريقة مرّ عليها الكثير من الأمراء والشعوب مثل الأمير فخر الدين المعني، هي بلدة العيون التي تتجاوز ٩٠ عيناً، هي بلدة القلعة الصخرية المميزة، هي بلدة المحمية التي تشكّل غنى طبيعي وبيولوجي لا مثيل له، هي مقرّ مقام النبي أيوب عليه السلام الديني. إنّ هذه البلدة هي بلدة نيحا الساحرة !
موقع بلدة نيحا:
نيحا, تقع البلدة في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان وهي تشكّل عضو من بلديات اتحاد الشوف الأعلى. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ١٠٥٠ و ١٨٥٠ مترًا. تمتدّ نيحا على مساحة ٣٧٥٠ هكتار أي ما يعادل ٣٧,٥ كيلو متر مربّع. تبعد عن عاصمة لبنان بيروت ٦٥ كيلومترًا فيما تبعد عن بيت الدين مركز القضاء ٢٥ كيلومتر. تعتبر صلة وصل بين ثلاث محافظات الجنوب والبقاع وجبل لبنان حيث كانت ممر إلزامي لبلدات هذه المحافظات.

نيحا, تقع البلدة في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان
معنى اسم بلدة نيحا:
حظي لبنان وسكانه بوجود ثلاث بلدات تحمل اسم نيحا وليس بلدة وحيدة وتتوزّع هذه البلدات الثلاث على قضاء زحلة و الشوف والبترون. يعتبر اسم نيحا مأخوذ من اللغة السريانية وهو يرمز إلى الهدوء والاستراحة وهو اسم ينطبق على بلدة نيحا فهي ملاذ للراحة والسكينة.
قلعة شقيف تيرون:
هي قلعة محفورة داخل الصخور تقع في أعالي بلدة نيحا على تلّة صخرية تطلّ على مرج بسري. بقيت من الحضارات والشعوب القديمة التي مرّت على بلدة نيحا منذ مئات السنين ويتجاوز عمرها ٢٨٠٠ سنة وما يدلّ على ذلك هو النحت الموجود في الصخر والذي يثبت أنّه قبل وجود الحديد. تتضمن القلعة غرف عديدة للجنود ومستودع لتخزين المؤن وآبار يبلغ عمقها ١٢ متراً وعرضها ٦ أمتار على شكل بيضاوي بعضها لحفظ الحبوب والبعض الآخر للمياه.
عرفت القلعة في عهد الصليبيين باسم بوفور ولكنّها سقطت على يد صلاح الدين الأيوبي بعد حصار دام سنتين. بالإضافة إلى أنّها شهدت حدث تاريخي مهم أيضا ألا وهو لجوء الأمير فخر الدين المعني الثاني إليها واختبائه فيها في القرن السابع عشر هرباً من والي دمشق العثماني وما لبث أن اتّجه إلى جزّين حتى تم إعدامه على يد الجيش العثماني في عام ١٦٣٥.
يبلغ ارتفاع القلعة ٤٠٠ متراً وعرضها ٦٠٠ متر ويمكن السير داخلها على مسافة ٢ كيلومتر. هي جزء من محمية أرز الشوف الطبيعية ولذلك فهي تتمتع بوجود فريق عمل كامل يقوم بتنظيم مسارات للمشي في الطبيعة تربط نيحا بالبقاع وجبل لبنان وزيارة القلعة وهو فريق مستعد للمساعدة على مدار السنة ويستقبل الناس من الساعة ٩:٣٠ صباحاً. ينصحكم الفريق بالوصول باكراً خاصةً في الشتاء منعاً لحدوث أي مشاكل معكم أثر تراكم الجليد على الطرقات.

هي بلدة القلعة الصخرية المميزة، هي بلدة المحمية التي تشكّل غنى طبيعي وبيولوجي لا مثيل له
آثار بلدة نيحا:
إنّ الذي يزيد من جمالية نيحا هي مجموعة من الآثار المتنوعة. بين جسور وعيون ومطاحن أثرية قديمة تنتشر في كل أنحاء نيحا. توجد في نيحا أربعة جسور مثل جسر التحتاني، الفوقاني،النبع والوادي جميعها قديمة جدّاً تعود لزمن فخر الدين وقبل أيضاً. كما تضمّ نيحا العديد من المطاحن التي تعمل على الماء ومازالت حتى اليوم معاصر الزيتون موجودة مثلما كانت تستخدم من قبل. بالإضافة إلى نبع نيحا الذي يشكّل المصدر الأساسي لري نيحا وسكانها. تتدفّق مياه هذا النبع بغزارة فلا تحتاج نيحا لأي مصدر مياه ثاني لا صبقاً ولا شتاءً.
لا يمكننا ذكر الآثار دون تسليط الضوء على العيون التراثية الموجودة في البلدة مثل عين القاطعة، عين باطون، عين الحلقوم وعين مار جريس المتخصّصة للشفاء وهذه ليست سوى أمثلة بسيطة جدّاً عن العيون الموجودة لأنّها يقال أنّ عددها يتجاوز ٩٠ عين.
السياحة الدينية في نيْحا:
لا تقتصر السياحة في بلدة نيحا على السياحة البيئية والأثرية فقط. بل تتعدّى ذلك بوجود عدّة أماكن دينية تجعل من بلدة نيحا ملاذ آمن وملجأ روحي لمختلف الطوائف والديانات. من أهم المزارات الدينية هو مقام النبي أيّوب الذي امتحنه الله بأقسى المحن وأخذ منه أغلى ما يملك بعد أن كان يملك كل شيء. إنّ المقام هو عبارة عن عدّة مباني لكل مبنى حقبة زمنية معيّنة ولكنّها جميعها تعود إلى مئات السنين وأحد المباني كتب عليه تاريخ ١٣٨٤.
هذا المقام ليس حكراً على مذهب معيّن بل هو للجميع ويسجّل حوالي ١٥ ألف زائر شهريّاً خلال فصل الصيف. وتم إدخال المقام إلى خريطة الأماكن الدينية عالمياً. كما تحتوي البلدة على كنيستين الأولى كنيسة مار يوسف التي يبلغ عمرها ٣٠٠ سنة بنيت في عهد الأمير أحمد المعني وهي مصنوعة من حجر البلدة وتحتوي على قناطر ونقوش مميزة. الكنيسة الثانية هي كنيسة مار جريس التي يتجاوز عمرها ٢٠٠ سنة وتم ترميمها في عام ١٩٣٢.

هي بلدة تاريخية عريقة مرّ عليها الكثير من الأمراء والشعوب
الزراعة في نيْحا:
تتميّز بلدة نيْحا بأجود أنواع المزروعات بفضل وجود مياهها الصافية. والتي تعتبر من ألذ أنواع المياه في العالم وليس لبنان فقط. من أهم الزراعات في نيحا هي الجوز وتتواجد فيها بعض الأشجار الضخمة القديمة من عهد الأمير فخر الدين والتي ما زالت إلى اليوم تنتج عدد هائل من ثمرة الجوز. كما يتم زراعة الصنوبر والزيتون والعديد من الخضار مثل البندورة والخيار واللوبيا والباذنجان. بالإضافة إلى العنب والرمان والخوخ التي تتسم بطعمها الفريد.
محمية نيحا:
هي جزء من محمية الأرز التي تشكّل ٥٪ من مساحة لبنان. لا تقتصر محمية نيحا على الزيارة البيئية فقط ودروب المشي. بل هي تتعدّى ذلك من خلال تنفيذ مشاريع تشجير ضمن المحمية مثل زراعة شجر الملول والسنديان والأرز وغيرها. كما تحتوي المحمية على عدد من الحيوانات مثل النيس والغرير والضباع والثعالب والواوي وهي تحت تهديد الإنقراض والصيد.
متحف الفنان وديع الصافي:
تكريماً لروح الفنان الكبير وديع الصافي ابن بلدة نيْحا. قامت بلدية نيحا بالتعاون مع وزارة الثقافة تم تأسيس متحف خاص به. يضمّ مكتبة موسيقية وقسم الآلات الموسيقية ومقاطع الفيديو التي تأخذ الزائرين إلى أدق تفاصيل حياة الفنان الراحل وديع الصافي.