طورزا، جبل الأرز في بشرّي!
هي بلدة الامبراطور كاراكالّا حسب التاريخ القديم، هي بلدة المغاور الصخرية الفريدة من نوعها، هي بلدة الينابيع الغزيرة التي تساهم في إنتاج أجود أنواع الفاكهة والخضار، هي بلدة الكنائس القديمة التاريخية التي تعكس الطابع الديني لأبنائها، هي بلدة الكرم والضيافة والأصالة، إنّ هذه البلدة هي بلدة طورزا الجميلة !
موقع بلدة طورزا:
تقع بلدة طورزا في قضاء بشرّي وتنتمي إلى محافظة شمال لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ٦٠٠ و ٨٠٠ متراً. تمتدّ على مساحة ٤٣٠ هكتار أي ما يعادل ٤،٣٠ كيلو متر مربّع. تبعد طورزا عن عاصمة لبنان بيروت ٨٥ كيلومترًا فيما تبعد عن طرابلس مركز المحافظة ٨٢ كيلومترًا وعن بشرّي مركز القضاء ٢٢ كيلومتر. وهي تعتبر نقطة وصل بين قضاء الكورة قضاء زغرتا وقضاء بشّري.
معنى اسم بلدة طورزا:
ينقسم شرح اسم بلدة طورزا إلى قسمين. القسم الأول الذي يعتقد أنّ اسم طورزا يعود إلى اللغة الفينيقية وهي مؤلفة من كلمتين طور أرزا والتي بدورها تعني جبل الأرز. قد تكون تعني أيضاً جبل الزيتون بسبب انتشار الكثير من أشجار الزيتون في أراضيها. أمّا القسم الثاني فيقول أنّ طورزا هي مشتقة من كلمة طوروزا التي تعني الحبل الصغير.

تعتبر نقطة وصل بين قضاء الكورة قضاء زغرتا وقضاء بشّري.
ينابيع بلدة طورزا:
إنّ طورزا هي بلدة محاطة بالجبال الأمر الذي يجعل المياه مخزّنة فيها. أهمّ الينابيع في طورزا هو نبع المسحور الغزير والذي لم يعرف مصدره حتى اليوم ولكنّه يروي معظم أراضي البلدة. انتشرت أسطورة شعبية حول هذا النبع تقول أنّه كان هناك رجل يحمل جرّة وقعت من يده والمكان الذي وقعت فيه فانفجرت منه المياه. أمّا النبع الذي يشرب منه أبناء البلدة هو نبع الغار الذي ينبع من سفح جبل إهدن. بالإضافة إلى عيون أثرية مثل عين الشرقية، عين الجوزة، عين العسل، عين العفص، عين الزيتونة وعين السنديانة. جميع هذه العيون تخضع للفحص المستمر وتحصل على نتائج إيجابية خالية من الأوبئة والميكروبات.
آثار بلدة طورزا:
تعتبر طورزا بلدة تاريخية سكنتها الشعوب الفينيقية وتركت فيها آثار كثيرة مثل القبور والنواويس و المغاور المحفورة بالصخر. من أبرز الآثار هي مغارة السبع التي تحتوي على قبور كثيرة بعضها ترابية لعامّة الشعب أو المعدومين حيث وجد تحت رأس الأموات مسمار طوله ٣٠ سنتمترًا والأخرى صخرية للقادة والملوك الذين وجد إلى جانبهم مكان للأكل والأسلحة باعتقاد الفينيقيين أنّ المتوفي ممكن أن يعود إلى الحياة. أطلق على المغارة هذا الاسم بسبب وجود شكل سبع منحوت على صخرة أمام المغارة. أمّا المغارة الثانية فهي مغارة الدلماس أي الحصن المعلّق، يقع الحصن في جبل صخري ارتفاعه ١٠٠ متر والمغارة هي فجوة صخرية تتمركز على ارتفاع ٣٠ متراً. في داخل المغارة خزّان صخري ضخم يرتبط بأسفلها ويتم تخزين داخله مياه الأمطار. تطّل هذه المغارة بفضل موقعها الاستراتيجي على القوافل التي كانت تربط الساحل الطرابلسي بالبقاع. كما اكتسبت أهمية بإشرافها على جبّة بشرّي و وادي قاديشا وبسبب كونها المنطقة العسكرية الوحيدة في بشّري.

إنّ طورزا هي بلدة محاطة بالجبال الأمر الذي يجعل المياه مخزّنة فيها.
الزراعة في بلدة طورزا:
توالت الزراعات في بلدة طورزا مثل أغلب البلدات اللبنانية. تحتلّ المساحة الخضراء في طورزا على حوالي ٦٠٪ من مساحتها. كانت أشجار الزيتون التي يبلغ عمرها أكثر من ١٥٠ عام من الزراعات الأساسية في البلدة مع زراعة التوت لصناعة الحرير وبقيت حتى الخمسينات. بعدها انتقل أبناء طورزا إلى زراعة التفاحيات مثل التفاح والإجاص واللوزيات والدراق والخوخ والخرمة. بالإضافة إلى زراعة البندورة والخيار والبصل الطورزاوي المشهور. بالنسبة للأراضب البعلية التي تزرع زيتون، زرعت أيضاً بالعنبي السمعاني الذي يوضع في أكياس ويستغرق وقتاً طويلاً ولا يحصد حتى شهر شباط. جميع هذه الأنواع تزرع وتروى بمياه نقية وتربة خصبة خالية من المواد الكيماوية الأمر الذي يجعلها تتحلّى بطعم لذيذ وغني بالفوائد.
السياحة الدينية في طورزا:
تنتشر الكنائس في طورزا مثل انتشارها في منطقة بشرّي وادي القدّيسين. تعود بعض الكنائس إلى زمن قديم جدّاً مثل كنيسة سركيس وباخوس الأثرية التي تعود إلى سنة ١٤٧٠. هي كنيسة أثرية تاريخية بكل معنى الكلمة ويدلّ على ذلك القناطر والعقود وحجارتها التي تتواجد بعدّة ألوان وهي مأخوذة من المقالع التي تقع في أعالي طورزا. تحتوي الكنيسة على أيقونات عديدة مرسومة في عام ١٩٩٨. تم ترميم الكنيسة بتبرع من المغتربين وأبناء البلدة وقاموا بتغيير الأرضية أيضاً. تتألّف الكنيسة من ثلاثة أبواب، باب شمالي وجنوبي وغربي أيضاً. ثانياً تأتي كنيسة مار نهرا التي تعود إلى عام ١٨٦٨ وهي تشتهر بالمهرجان الذي يقام فيها منذ ٢١ تموز حتى أوائل آب في عيد الجيش. بالإضافة إلى الكنيستين الصغيرتين شفيعة الفلاحين وكنيسة مار جرجس التي تم إعادة بناؤها من مطقة الكروم إلى منطقة الشرقية.

تمتدّ على مساحة ٤٣٠ هكتار أي ما يعادل ٤،٣٠ كيلو متر مربّع
البيوت التراثية في طوْرزا:
تسيطر البيوت التراثية على بلدة طورزا وهي بيوت تراثية قديمة يتجاوز عمرها ٢٠٠ سنة. تتميّز هذه البيوت بالقناطر التي يبلغ ارتفاعها ٩ أمتار. كما تتسم البيوت بالقرميد النحلة الفرنسي الأثلي الذي لم يعد موجوداً اليوم. بالإضافة إلى الخشب القطراني الذي يبقى صامداً مهما مرّ عليه من حروب وأزمان. بنى أبناء طورزا بيوتهم بالتعاون بين الجميع فعندما يقرّر أحدهم بناء منزل يسعى الجميع إلى تأمين الحجر والباطون وغيره من المعدات واللوازم الأمر الذي يدلّ على محبّة أبناء البلدة لبعضهم.