بلدة بيت الدين، كنز القصور في لبنان !

هي بلدة قصر بيت الدين ذو الأهمية الأثرية والسياسية والسياحية، هي بلدة قصر موسى المعماري الذي وضع حلمه نصب عينيه حتى حققه بنجاح، هي بلدة قصور الأمير بشير الثاني وقصور أبنائه الثلاث. إنّ هذه البلدة هي بيت الدين الجميلة!

موقع بلدة بيت الدين:

تقع بلدة بيت الدين في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر حوالي ٨٥٠ متراً. تمتدّ بلدة بيت الدين على مساحة ٢٤٤ هكتار أي ما يعادل ٢،٤٤ كيلو متر مربّع. تبعد بيت الدين عن عاصمة لبنان مدينة بيروت حوالي ٤٠ كيلومتراً.

معنى اسم بلدة بيت الدين:

تتميزّ بلدة بيت الدين عن البلدات اللبنانية التي تعود إلى أصل سرياني آرامي وغيرها من الأصول بسبب الشعوب القديمة التي تركت في الكثير من البلدات اللبنانية طابعها من خلال الاسم والآثار وغيرها من الأمور. يعني اسم بلدة بيت الدين بيت العبادة والصلاة.

بيت الدين

قصر بيت الدّين:

يقع هذا القصر في منطقة الشوف في جبل لبنان وتحديداً في بلدة بيت الدين. يمثّل مركز سياحي عريق للبنانيين والسوّاح أيضاً. إنّه قصر أثري تم بناؤه على يد الأمير بشير الثاني في نهاية القرن السابع عشر. يعتبر هذا القصر مقصد سياحي مهم للزوار بسبب  عمارته المميّزة والتي تضمّ الكثير من الأقسام كالغرف والمطابخ و الشرفات والواجهات المزخرفة و الحمّامات.

بالإضافة إلى وجود قبر الأمير بشير الثاني وزوجته. جميع أقسامه مصنوعة بالرخام المليء بالفسيفساء والزخارف والكتابات بالخط العربي. ما يجعل القصر أكثر فخامة هو وجود الأثاث الفخم والقديم المصنوع من خشب الأرز.

تجعل هذه الميزات من القصر ثروة تاريخية معمارية تستحق الزيارة. يمتدّ القصر على مساحة ٣٠ ألف متر مربّع وهو ينقسم إلى ثلاثة أجزاء. القسم الأول هو عبارة عن المدخل والمضافات سابقاً والميدان. أمّا القسم الثاني فهو قسم قاعات الاستقبال وأجهزة الحكم. وأخيراً القسم الثالث والأخير الذي يرمز إلى قسم الحرملك أي مكان غرف النوم والمطابخ وأماكن إقامة الأمير بشير الثاني وعائلته.

قصور أولاد الأمير بشير الثاني:

قام الأمير بشير الثاني إضافةً إلى قصره أي قصر بيت الدين الأثري ببناء قصور عديدة لأبنائه الثلاثة الأمير قاسم والأمير خليل والأمير أمين لكل منهم قصر. تعرّض قصر الأمير قاسم إلى التدمير بسبب الحروب والعوامل الطبيعية. أمّا قصر الأمير خليل فقد أصبح مركز إداري مهم في قضاء الشوف. أمّا قصر الأمير أمين وهو الابن الأصغر للأمير بشير الثاني الذي بني في عام ١٨٣٨ تحوّل إلى قصر ٤ نجوم مع الوقت.

توالت الملكية على القصر فبعد وفاته ورثته المطرانية المارونية وفي عام ١٩٦٥ قام الرئيس شارل الحلو بشراء القصر من المطرانية وتحويله إلى فندق ٤ نجوم. يتميز الفندق بعمارته وهندسته وأجمل التفاصيل التي لا يعرفها الجميع هي أنّ كل درجة في الفندق هي ترمز إلى الكف المفتوح والذي يقول للزائر أهلاً وسهلاً. بالرغم من كبر مساحة القصر إلّا أنّ عدد الغرف فيه كانت ٢٤ غرفة تتنوع بين غرف فردية وأجنحة كبيرة.

بيت الدين

مطرانية صيدا المارونية في بلدة  بيت الدين:

قبل أن يصبح هذا المكان مقر صيفي لمطرانية صيدا المارونية كان عبارة عن قصر ودار بناه الأمير بشير الثاني في عام ١٨٢٨ وكان يعتبره دار للراحة والاطمئنان فيقصده من حين إلى آخر. ولكن مع مرور الوقت وعندما نفي الأمير بشير الثاني قامت زوجته المقرّبة من مطران الأبرشية في ساحة القصر ببيع القصر له مقابل سعر رمزي شرط أن يصبح القصر مطرانية وهذا ما حدث. وفي ذكرى مرور مئة عام على تأسيس القصر قام المطران بإضافة الطابق العلوي على القصر وإضافة كنيسة سيدة الخلاص. وبعد ١٢٠ عام على التأسيس تم زيادة مبنى ليصبح مدرسة تدريبية قبل الالتحاق بالكهنوت.

قصر موسى في بيت الدين:

بين أحراج الصنوبر في الشوف وتحديداً بين دير القمر وبيت الدين يقع قصر موسى الأثري. يمتدّ قصر موسى على مساحة سبعة آلاف متر مربّع تقريباً و يرتفع نحو ٩٠٠ متر عن سطح البحر.

بنيت القلعة في عام ١٩٦٢ على يد موسى المعماري  وهي تتألف من ثلاثة طوابق ويتم الدخول إليها عن طريق جسر خشبي يفتح بجنزير من الحديد. يؤدي الجسر إلى بوابة حديدية صنعت من ثلاثة أبواب تبدأ من الأصغر حجماً إلى الباب الثالث الأكبر حجماً.

كان هدف موسى من الباب الأصغر هو إحناء رأس الفتاة الغنية التي سخرت منه وأستاذه الذي ضربه في شبابه عند دخولهم لقصره. عند مدخل القصر نجد كرسي مصنوع من الخيزران يجلس عليه موسى لاستقبال الزوار.

ثم نرى صالة كبيرة تضمّ مجسّمات العمّال التي تتحرّك بواسطة الماء وترمز هذه التماثيل إلى الحرف التي اشتهر بها لبنان مثل الفاخوري والإسكافي والحدّاد بالإضافة إلى تماثيل لنساء تبرز أدوارهم سابقاً بتحضير الطعام ورعاية الأطفال وخياطة الثياب. في القلعة مكتب موسى الشخصي الذي ما زال كما تركه بوجود أغراضه الشخصية وبعض الأسلحة التي تزيّن جدران المكتب.

قصر موسى

تفاصيل أكثر عن قصر موسى:

يتمّ النزول إلى الطابق الأرضي عن طريق درج دائري. ينقسم الطابق الأرضي إلى عدّة غرف أبرزها الغرفة التي تجسّد صف موسى المعماري في مدرسة المتنبي في طرطوس والتي حصلت فيها الحادثة مع الفتاة.

صوّر موسى المشهد تماماً كما هو محفور في ذاكرته فنجد مجسّم الأستاذ الذي  يحمل عصا  و يضرب تلميذه و رفاق التلميذ يضحكون عليه ويسخرون منه. سكّلت الغرفة الثانية الغرفة التي تصوّر الضيعة وعاداتها.

أمّا الغرفة الثالثة فهي كانت للعشاء السرّي التي تضمّ تماثيل ضخمة. كما نجد غرفة تحتوي على بعض الأدوات التي استخدمها موسى لبناء القلعة. بالإضافة إلى وجود ثياب العمل التي كان يلبسها موسى من ضمنها سترة رمادية كان موسى يحبّها ويلبسها صيفاً شتاءً لأنّها تعطيه البركة والقوة. في باقي الغرف نجد تماثيل ترمز إلى مشاهد تقليدية قديمة لم تعد موجودة في يومنا. أبرز هذه المشاهد هو مشهد والدة موسى التي تجلس وهي رافعة يديها تدعو له مع لوحة مكتوب عليها دعاءها الشهير لموسى.

قصر موسى

في الطابق السفلي نجد غرفة المضافة العربية لتقديم القهوة العربية. من المضافة نتوجّه إلى صالة كبيرة تعرض فيها القطع الفنية المصنوعة من النحاس، خشب الأرز، الأونيكس والزجاجيات  وقطع الكروشيه.

عبر المرور بدهليز صغير يمكننا الدخول إلى متحف الأسلحة الذي تم افتتاحه في عام ١٩٩٧.  كان موسى يهوى تجميع السلاح ويظهر ذلك من خلال عدد الأسلحة التي ضمّها المتحف. نجد أكثر من ٢٠ ألف قطعة سلاح فردي تتوزّع بين رماح سيوف بواريد ألمانية وفرنسية كان أقدمها بندقية فرنسية تعود للعام ١٨٦٦. يضمّ المتحف أيضاً على عدد كبير من الحلي التي تتوزّع بين عقود أساور وخواتم.

إلى جانب المتحف نرى مشهد أخذه موسى من ترميم قصر بيت الدين و رسم أيضاً أميرات شهابيات يجلسن مع بعضهن. كما صنع موسى مشهد يرمز إلى سجن كان المسيحيون يتعرّضون للاضطهاد في السجن الروماني.

كنيسة مار مارون:

تعتبر كنيسة مار مارون من أهم الكنائس الموجودة في بلدة بيت الدين. يقال أنّ الأمير بشير نذر نذراً إذا فاز في معركته في الشام سوف يبني كنيسة على اسم مار مارون. تم بدء البناء في عام ١٨٠٦ وأنهي في عام ١٨١٦. تم افتتاح الكنيسة في عام ١٨٢٩. تشكّل هذه الكنيسة معلم مهم من معالم بيت الدين وتعكس الطابع الديني للبلدة وأهاليها.

تعرّف أكثر على بلدة بيصور!