الباروك، ثروة الأرز اللبناني !
هي بلدة الأرز اللبناني الشامخ المعمّر، هي بلدة النشيد الوطني الذي ردّدته آلاف الألسنة، هي بلدة الطبيعة الخلابة والدرب البيئي، هي بلدة الخيرات اللبنانية والمونة البلدية، هي بلدة ساحرة بكل تفاصيلها. إنّها بلدة الباروك المباركة !
موقع بلدة الباروك:
تقع بلدة الباروك في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ١٠٨٠ و ١٢٠٠ متراً. تبعد بلدة الباروك عن عاصمة لبنان مدينة بيروت حوالي ٥٥ كيلومتراً. تتميّز بلدة الباروك بالكثير من الخصائص الطبيعية نسبةً لموقعها فهي موطن أشجار الأرز والينابيع الوفيرة التي تسقي الكثير من البلدات المجاورة.
معنى اسم بلدة الباروك:
يعود أصل اسم بلدة الباروك حسب أقوال واعتقاد المؤرخين اللبنانيين الذين برعوا في تفسير أسماء البلدات اللبنانية إلى اللغة الفينيقية بسبب مرور العديد من الشعوب مثل الشعب الفينيقي العريق. تعني كلمة الباروك باللغة العربية الأرض المباركة. ينطبق هذا الاسم على البلدة لأنّها مباركة بوجود الأشجار الكثيرة والينابيع الغزيرة التي جعلتها تربة وأرض مباركة ذات خير وفير.
غابة أرز الباروك:
سبق وذكرنا وتحدّثنا عن محمية أرز الشوف التي تستحوذ على ٥٪ من مساحة لبنان الإجمالية. تشكّل غابة أرز الباروك واحدة من أكبر الغابات الموجودة في محمية أرز الشوف. فهي تمتدّ على مساحة ٤٠٠ هكتار أي ما يعادل ٤ كيلو متر مربّع. تحتوي غابة أرز الباروك على حوالي ٣ مليون شجرة أرز. كما تحتوي على ١٠٥٦ نوع من النباتات المتنوعة بين نباتات طبية وغيرها. يتراوح عمر أشجار الأرز بين الأرز الصغير الذي يبلغ عمره أشهر عديدة فقط والأرز المعمر الذي يصل إلى ٣٠٠٠ سنة.
يقدّر قياس قطر الأشجار المعمّرة ١٤ متراً وهي أشجار ضخمة. يعدّ مدخل غابة أرز الباروك من أهم المداخل وأكثرها استقطاباً للزائرين حيث يصل عدد الناس إلى ٤٠ ألف وأكثر. يقوم عدد من الأشخاص الذين يعملون كدليل سياحي بإرشاد الزائرين وشرح أهم المعلومات لهم وتزويدهم بكافة التفاصيل التي يحتاجونها خلال زيارة الغابة. كما يخبرونهم بشروط الزيارة التي تضمن حماية الغابة من التلوث والضرر وتحافظ على نظامها الإيكولوجي الصحي. ولا نريد أن ننسى إمكانية زرع شجرة أرز على اسم كل شخص يرغب بهذا الأمر وزيارتها كل فترة والاطمئنان على نموها من سنة إلى سنة أو كلّما أمكنه ذلك تشجيعاً لجعل الناس تحب فكرة الزراعة وتساهم في تشجير المناطق الخضراء والغابات.
السياحة الدينية في الباروك:
تحتوي بلدة الباروك على عدد لا يقل عن خمسة معالم دينية أثرية تضيف لها جمالاً ورونقاً وأهمية.
بدايةً مع مزار الشيخ ابو حسن عارف حلاوي وهو مزار ومعلم ديني روحي يعكس الطابع الديني لبلدة الباروك. يشكّ مزار الشيخ أبو حسن من أهم المعالم الدينية الموجودة في البلدة. هو مزار يحتوي على ضريح الشيخ ومكان ليتبارك الناس منه ويزورونه ليملؤا نفوسهم راحة وسكينة. كان الشيخ مثالاً للإنسان البتول الذي جسّد الوفاق والاحترام والتفاهم والوقار للناس في معيشته قبل وفاته وبعدها. ما زال هذا المزار يستقطب الزائرين حتى اليوم ومن كل الديانات دون استثناء.
أمّا بالنسبة للكنائس فهي عبارة عن ثلاث كنائس أثرية تدعى كنيسة مار الياس وكنيسة مار انطونيوس الكبير وكنيسة مار جريس.
درب الباروْك البيئي:
بفضل الطبيعة الساحرة التي تتحلّى بها بلدة الباروْك وجمال غابة أرز الباروك التي تعدّ ثروة طبيعية فريدة من نوعها، تم تنظيم درب الباروك البيئي للمشي. كان هدف الدرب تعريف الناس إلى الأماكن السياحية الاستكشافية في بلدة الباروْك. تم البدء في هذا الدري منذ حوالي سبع سنوات. يبدأ الدرب من مكان ضريح الشاعر رشيد بك نخلة الذي وضع النشيد الوطني اللبناني. يمرّ الدرب بأماكن ومعالم سياحية وبيئية أثرية ودينية في الباروك والفريديس. حيث يزور هواة المشي مزار الشيخ بو حسن عارف حلاوي، بعض الكنائس الأثرية، المعصرة والمطحنة و غابة أرز الباروك أيضاً خلال هذا الدرب.
الزراعة في بلدة الباروْك:
بالرغم من ارتباط بلدة الباروك بشجرة الأرز ارتباطاً وثيقاً إلّا أنّها بفعل أرضها المباركة استطاعت أن تبرز أهميتها في زراعة الكثير من أنواع الفاكهة والخضار. من أبرز هذه الأنواع هي التفاح، الدراق، الخوخ، الكرز، العنب والكثير من أصناف الخضار مثل البندورة واللوبيا. لا يتوقف الأمر على إنتاج هذه المحاصيل فقط بل تقوم سيدات بلدة الباروك بتحويل هذه الخيرات إلى مونة بلدية مصنوعة يدوياً بأفضل الطرق وأكثرها احترافية. تكثر أنواع المونة مثل المربى واللبنة والكشك والأرضي شوكي والشرابات المقطرة وماء الزهر وماء الورد. جميع هذه المنتجات تصنع دون أي مواد حافظة وأي إضافات وتستحق الشراء من قبل كل زائر وسائح لأنّها من الأرض المباركة.
متحف الشاعر رشيد بك نخلة:
حاز الشاعر رشيد نخلة على شهرة واسعة بعد مشاركته في مسابقة كتابة النشيد الوطني اللبناني وفوزه بها في عام ١٩٢٥. بعد وفاته تم إقامة ضريح له في الباروْك أرض الأرز اللبناني. كما تم إضافة مكتبة ومتحف صغير يضم أغراض ومؤلفات الشاعر الكبير. يحتوي المتحف على ١٢ ألف بيت من الشعر و ١٨ ألف بيت من الزجل جميعها من كتابة وتأليف الشاعر رشيد نخلة.