سوق الغرب، بلدة نموذجية عريقة من قضاء عاليه
هي بلدة وصفها الفنان الكبير محمد عبد الوهاب بالجنّة، هي بلدة اصطياف الملحن والمؤلف الكبير فيلمون وهبة، هي بلدة مزجت بين العلم والثقافة وفن العمارة والتاريخ والطبيعة لتصبح بلدة مميزة على كافة الأصعدة، هي بلدة الفنادق الأثرية والبيوت التراثية القديمة، هي البلدة الأولى التي أقامت حفل انتخاب ملكة جمال في عام ١٩٣٥ في فندق سرسق، هي منشأ الأسواق التجارية الضخمة التي اشتهرت بها واكتسبت منها اسمها. إنّ هذه البلدة هي بلدة سوق الغرب الجميلة !
موقع بلدة سوق الغرب:
تقع بلدة سوق الغرب في قضاء عاليه وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. ترتفع البلدة عن سطح البحر بين ٧٠٠ و ٨٠٠ متراً. تمتدّ سوق الغرب على مساحة ٢٥١ هكتار أي ما يعادل ٢,٥١ كيلو متر مربّع. تبعد البلدة عن عاصمة لبنان بيروت ٢٢ كيلومترًا فيما تبعد عن عاليه مركز القضاء حوالي ٦ كيلومتر فقط. تتمركز على البلدة على تلال قضاء عاليه وتطلّ على مدينة بيروت وبحرها الممتد من جونية وصولاً إلى الدامور.
معنى اسم بلدة سوق الغراب:
إحدى الأمور التي تتميّز بها بلدة سوق الغرب عن غيرها من البلدات هي أصل اسمها. في حين أنّ أصل اسم أغلب البلدات اللبنانية من اللغة السريانية والآرامية يعود اسم بلدة سوق الغرب إلى الأصل العربي وهي كانت تدعى سوق العين بسبب اجتماع الناس من جميع القرى المجاورة لشراء منتجات البلدة حول عين البلدة. ثمّ أصبح اسم البلدة سوق الغرب لأنّه يقع في المنطقة اللبنانية الغربية التي تبدأ من عاليه وتنتهي عند كفرمتى.
منطقة رأس الجبل:
لا يمكن لأي إنسان قام بالمجيء إلى بلدة سوق الغرب أن ينسى زيارة منطقة رأس الجبل. تعتبر هذه المنطقة من أجمل المناظر الطبيعية السياحية في قضاء عاليه. من أعلى هذه المنطقة يمكنك أن تذهل بجمال الإطلالة الساحرة التي تمتزج بين لون الطبيعة الأخضر وزرقة البحر وتشكّل مشهد فريد من نوعه.

إحدى الأمور التي تتميّز بها بلدة سوق الغرب عن غيرها من البلدات هي أصل اسمها.
المساحات الخضراء في سوق الغرب:
تحتلّ المساحات الخضراء حوالي ٧٥٪ من مساحة البلدة الإجمالية. وهي مساحات شاسعة جعلت مناخ سوق الغرب مناخ منعش وجميل على مدار السنة. تترعرع في هذه المساحات الخضراء الكثير من أنواع الأشجار واكنّ أبرزها هي شجرة الصنوبر والزيتون التي يبلغ بعضها مئات السنين. بمساعدة العديد من الجمعيات استطاعت بلدية سوق الغرب إزالة الألغام الموجودة في البلدة. نتيجة الحرب قديماً وقامت عوضاً عن ذلك بتشجير المساحات الخضراء من أجل المحافظة على هذه الثروة الطبيعية المهمة.
البيوت الأثرية في سوق الغرْب:
بالرغم من كل الأضرار التي أثّرت على البيوت والأماكن السكنية في لبنان عامةً وسوق الغرب خاصةً إلّا أنّ تمسّك أبنائها بتقاليد البيت التراثي وعمارته الفريدة جعلتهم قادرين على ترميم البيوت لكي تحافظ على طابعها الأثري والهندسي المميز. أقام في هذه البيوت شخصيات مهمة تاريخية فعلى سبيل المثال البيت الذي شيّده جورج بيك مشعلاني الذي كان قائد جيش مصري في عهد الملك فؤاد الأول، اتّخذه الجنرال ديغول في أثناء الحرب العالمية في عام ١٩٤٣ مسكناً له. كما كانت سوق الغرب مصيف المندوب السامي الفرنسي الذي أقام في بيت العجلاني في منطقة رأس الجبل في سوق الغرب. جميع هذه البيوت هي مصنوعة من الحجر الأثري القديم ومكسوّة بالقرميد الأحمر ويبلغ عمرها مئات السنوات.

لا يمكن لأي إنسان قام بالمجيء إلى بلدة سوق الغرْب أن ينسى زيارة منطقة رأس الجبل. تعتبر هذه المنطقة من أجمل المناظر الطبيعية السياحية في قضاء عاليه
فنادق سوق الغرب الأثرية:
كانت سوق الغرب قديماً تحتوي على العديد من الفنادق الضخمة التراثية التي كانت مراكز اقتصادية وسياسية مهمة في البلدة. من أقدم وأهم الفنادق هو فندق سرسق الذي نعم بزيارة الفنانة أم كلثوم والفنان محمد عبد الوهاب الذي أطلق على سوق الغرب لقب الجنّة. بالإضافة إلى فندق كامل وفاروق ونادر. ولا يمكننا عدم ذكر فندق حجار الذي كان بعدّ من أهم الفنادق في محافظة جبل لبنان لأنّه كان مقصد إحياء الحفلات الغنائية وحفلات الأعراس والحملات الإنتخابية أيضاً.
المدارس والجامعات في سوق الغرْب:
لمعت بلدة سوق الغرب منذ القدم في سماء الثقافة والتعليم والتربية وكانت مثال البلدة النموذجية بفضل وجود أهم المدارس وأقدمها. تعتبر مدرسة سوق الغرْب من أقدم المدارس في لبنان فقد تأسست في عام ١٨٦٠ واستمرّت حتى عام ١٩٧٦ تقريباً. كانت المدرسة مقصد الكثير من المغتربين الذين أرسلوا أطفالهم للدراسة فيها فهي كانت مدرسة داخلية أيضاً. يقال أيضاً أنّ كل من تخرّج من مدرسة سوق الغرب كان يقبل بالجامعة الأميركية في بيروت دون امتحان دخول. أبرز من تخرّج من هذه المدرسة هو الأديب اللبناني أنيس فريحة الذي مارس مهنة التعليم في المدرسة عينها كأستاذ لغة عربية. بالإضافة إلى مدرسة يوق الغرب تتواجد في البلدة ثلاث مدارس أخرى الأولى أقفلت والثانية نقلت إلى صيدا وما زالت حتى اليوم تعرف بمدرسة الأمريكان والمدرسة الثالثة التي عرفت بالكلية اللبنانية والتي استمرّت حتى عام ١٩٨٢.
كان لجامعة البلمند فرع في سوق الغرب الذي تم تأسيسه على يد النائب وليد جنبلاط والأستاذ أنيس نصار ابن سوق الغرْب لكي يتم التأكيد على مفهوم العيش المشترك ولكي تبقى بلدة سوق الغرب محافظة على أهميتها التعليمية الثقافية في إنشاء أجيال مثقفة ومتعلّمة. بدأت الجامعة رحلتها التعليمية في إعطاء الدروس في عام ٢٠١٤ وضمّت فروع عديدة ومتنوعة.

تحتلّ المساحات الخضراء حوالي ٧٥٪ من مساحة البلدة الإجمالية وهي مساحات شاسعة جعلت مناخ سوق الغرب مناخ منعش وجميل على مدار السنة
السياحة الدينية في سوق الغرْب:
من أبرز وأهم الكنائس الموجودة في بلدة سوق الغرْب هي كنيسة القديس جاورجيوس التي رممت. في عام ١٨٦٦على أنقاض كنيسة صغيرة قديمة ومن ثم وسّعت في عام . ١٩٠٣ وأقيم أول قدّاس فيها في١٥ آب عام ١٩٠٤. تتميّز الكنيسة بأعمدتها الضخمة وقبّتيها البيزنطيتين والقناطر الداخلية و الأيقونسطاس المصنوع من خشب الأرز والذي وضع عام ١٩٠٥ وبرج الساعة الذي يقع فوقها بهدف إخبار الناس بالوقت. إلى جانب الكنيسة يوجد دير مار جرجس الذي يعدّ أجدد من الكنيسة. هذا بالإضافة إلى وجود كنيسة سيدة البشارة التي بنيت في عام ١٨٩٩ وصنعت بالحجر والعقد وزيّنت باللوحات الدينية الروحية و كنيسة البروتستانت التي تأسست على يد الإرساليات الأميركية.
مهرجانات سوق الغرْب السنوية:
انطلقت مهرجانات سوق الغرْب السنوية في عام ٢٠٠٤ مع عشاء قروي قام بتنظيمه أبناء وسيدات البلدة. اعتباراً من هذا العشاء القروي الذي حقق نجاح باهر قرّر أبناء البلدة بدء رحلة المهرجانات السنوية وأصبحوا يقيموا أربع حفلات في السنة على مدار أربعة أسابيع متتالية. مهرجان الأول هو عبارة عن ماراثون للكبار والصغار يليه عشاء و كارا أوكيه. المهرجان الثاني هو للاحتفال بعيد السيدة حيث يقام قدّيس في كنيسة جاورجيوس وبعدها يقام عشاء جماعي بوجود حلى الهريسة التقليدي. المهرجان الثالث والرابع هي مهرجانات غنائية وتراثية حيث تستضيف البلدة مطربين للاستمتاع. في عام ٢٠١٦ كرّمت سوق الغرْب الشاعرين زغلول الدامور وموسى زغيب في حفلة تكريمية فاخرة.