غريفة، بلدة التعايش المشترك !
غريفة
هي بلدة صنّفت بلدة سياحية في عام ٢٠١٤، هي بلدة شجرة الزيتون المباركة والذهب الأصفر، هي بلدة الغابات الكثيفة والطبيعة الخلابة، هي بلدة العيون والبيوت والنواويس الأثرية القديمة، هي بلدة التبادل التجاري وملتقى الساحل والجبل. إنّ هذه البلدة هي بلدة غريفة السياحية !
موقع بلدة غريفة:
تقع بلدة غريفة في قضاء الشوف وتنتمي إلى محافظة جبل لبنان. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر ٨٠٠ مترًا. تمتدّ البلدة على مساحة ٩٨٠ هكتار أي ما يعادل ٩،٨ كيلو متر مربّع. تبعد بلدة غريفة عن عاصمة لبنان مدينة بيروت ٥٢ كيلومتراً فيما تبعد عن بلدة بيت الدين مركز القضاء ٩ كيلومتر.
معنى اسم بلدة غريفة:
يعود اسم بلدة غريفة إلى اللغة السريانية وهو يعني جرف الجبل أو البلدة التي تقع إلى جانب الجبل. ينطبق هذا التفسير على اسم البلدة إذ أنّها تقع بين تلال وهضاب مرتفعة. كما يمكن تفسير معنى بلدة غريفة أنّها بلدة كثيفة الأشجار والغابات وهو اسم مناسب لبلدة غريفة حيث تحتوي على عدد كبير من الأشجار والمساحات الخضراء.
الجسر القديم في بلدة غريفة:
تعتبر بلدة غريفة بلدة قديمة العهد بين البلدات اللبنانية حيث كانت نقطة التقاء بين الساحل والجبل. وما يدلنا على ذلك هي بقايا الخان القديم الذي قصده الكثير من التجار مع أحصنتهم لنقل البضائع. يعدّ جسر نهر الحمّام القديم الوسيط الوحيد الذي كانت تمرّ القوافل والشعوب التجارية من خلاله. يتميّز الجسر بعمره الذي يتجاوز مئات السنين والقناطر الثلاث التي تزيّنه من الأسفل. كان الناس يتوجهون من الساحل مروراً بهذا الجسر ليصلوا إلى الخان يربطوا خيولهم ويتبادلوا المواد التجارية و يستريحون في غرف الخان القديم.
نواويس بلدة غريفة:
شهدت بلدة غريفة مثل كافة البلدات اللبنانية وجود الكثير من الشعوب العريقة التي أضفت عليها الكثير من معالم الحضارة التي تنتمي إليها. عند زيارة بلدة غريفة يمكننا إيجاد الكثير من النواويس الأثرية التي تتنوع بين نواويس موجودة في باطن الأرض، نواويس واقفة و نواويس محفورة في الصخر. إنّ جميع هذه النواويس تتجاوز مئات السنوات ولكنها غير معروفة لمن تعود. تملأ الزخارف والنقوش هذه النواويس وتجعل منها محط أنظار السائحين والزوار من كل المناطق والبلاد.
البيوت التراثية في بلدة غريْفة:
تتألف بلدة غريفة من عدّة أحياء تراثية شعبية مجموعة فيما بينها لتشكّل هذه البلدة النموذجية التقليدية. تنتشر البيوت التراثية القديمة في بلدة غريفة وهي بيوت يتجاوز عمر بعضها ٣٠٠ سنة. لم يتم المساس بأي منها بل حافظت على تفاصيلها الصغيرة والكبيرة مثل الباب الخشبي، الشرفات المعلّقة، الدرج الطويل، الحجر الطبيعي والعقد الأثري. يسعى أهالي البلدة والبلدية المنظمة إلى الحفاظ على هذا الطابع التراثي الذي يعكس حضارة البلدة العريق من خلال وضع شروط للبناء الحديث رغبةً منهم بعدم كسر صورة بلدة غريفة الأثرية النموذجية.
منطقة نهر الحمّام في غريْفة:
أنعم الله على بلدة غريْفة بوجود نهر الحمّام الذي أعطى للبلدة قديماً مصدر مياه لاستخدامات كثيرة. ينبع نهر الحمّام من بلدة غريفة، يمرّ بنهر بعقلين الجاهلية ويصبّ في ملتقى النهرين. أطلق على هذه المنطقة منطقة نهر الحمّام نسبةً لاسم النهر وهي عبارة عن منتزهات ومطاعم مطلّة عليه. تم تصنيف هذه المنطقة منطقة سياحية في عام ٢٠١٤. تقوم المطاعم بتقديم أشهى المأكولات اللبنانية مع الإطلالة على النهر الطبيعي الأثري الذي يمكن رؤية فيه بعض أنواع البط والعديد من بقايا الطواحن الأثرية القديمة التي كانت تتمركز على ضفافه.
الينابيع في بلدة غريْفة:
بفضل موقع البلدة بين تلال وهضاب خضراء طبيعية التي تشكّل خزان طبيعي للمياه الجوفية تم تمديد المياه إلى أربع عيون في داخل البلدة لتأمين كامل احتياجات أهالي البلدة من الماء. تم تأسيس هذه العيون في عام ١٨٧٠ وهي عبارة عن أربع عيون حازت على عملية الترميم في عام ٢٠١٢. ما زالت إلى يومنا هذا تصل المياه إلى هذه العيون ويستفيد منها أهالي غريفة. كل عملية الترميم التي حصلت كانت باستخدام حجارة البلدة من المقالع العديدة الموجودة في غريفة.
شجرة الزيتون في غريْفة:
تشتهر بلدة غريْفة بكثافة الغابات والمساحات الخضراء التي تشكّل ثروة طبيعية نادرة في حياتنا اليوم. من أكثر أنواع الأشجار انتشاراً في هذه الغابات إلى جانب السنديان والأرز والقطلب، هي شجرة الزيتون المباركة. كانت هذه الشجرة مورد معيشي أساسي بالنسبة إلى أهالي بلدة غريْفة حيث تتواجد فيها ٨٠ ألف شجرة زيتون يعود بعضها إلى العصر الروماني. يتم إنتاج أفخم وأجود زيت زيتون في لبنان والعالم وكان يطلق عليه لقب الذهب الأصفر. ولكن بسبب نزوح الأغلبية إلى المدينة قلّ الاهتمام بشجرة الزيتون وأصبح الإنتاج لا يتجاوز ١٠٪ من كمية إنتاج الأجداد في السنوات السابقة.
السياحة الدينية في بلدة غريْفة:
يفخر أهالي بلدة غريْفة بالعيش المشترك السائد في البلدة منذ القدم وحتى اليوم مع وجود طوائف عديدة مثل الموارنة، والكاثوليك والدروز. نجد في بلدة غريفة معالم دينية عديدة مثل كنيسة مار جرجس الأثرية القديمة والعديد من الخلوات الدينية للدروز. يتشارك أهالي البلدة جميعاً في المناسبات الدينية ولا يعترفوا بالطائفية بل يعتزون بالتعاون والتضامن الذي يعيشون فيه في غريْفة.