حمّام النوري ، كنز من كنوز طرابلس الخفيّة !
حمّام النوري
إنّ طرابلس الملقّبة بعاصمة الشمال هي مدينة عريقة بحضارتها وتاريخها رغم بساطة شعبها و قلّة تسليط الضوء عليها. تزيّن المدينة الكثير من الأزقة الضيقة والدهاليز التي تقودنا إلى أماكن أثرية لا يمكن توقعها. يعتبر حمام النوري واحد من الكنوز الأثرية الأقدم في طرابلس شمال لبنان.
موقع حمّام النوري:
يقع حمام النوري في طرابلس شمال لبنان. عند مدخل سوق الصاغة في حي النوري قرب الجامع المنصوري الكبير. يوجد إلى جانب حمام النوري المدرسة النورية. الأمر الذي جعل المحلّة تسمّى بمنطقة النوري أو سويقة النوري.
تاريخ حمّام النوري:
بني حمّام النوري على يد الأمير سنقر بن عبد الله النوري في سنة ١٣١٠. بني الحمام في عصر المماليك. هو اليوم ملك لدائرة الأوقاف في طرابلس ولكنه كان لمحمود بك السنجق قديماً. توجد في الحمّام لافتة مؤرخة فيها تقسيم الحمام وجميع التفاصيل الخاصة به. تبلغ مساحته حوالي ٥٤٥ متر مربّع. توقّف حمام النوري عن الخدمة منذ عام ١٩٧٠ بسبب الحرب اللبنانية.
تقسيم الحمام:
يقع مدخل حمّام النوري تحت عقد يسمح للزائرين بالوصول إلى ممر متعرّج و من ثمّ إلى صالة كبيرة تستخدم لخلع الملابس. توجد هذه الصالة تحت قبة كبيرة على اسطوانة يتوسّطها حوض. في أعلى الصالة يمكننا رؤية نوافذ كثيرة على مستوى الاسطوانة. تعمل هذه النوافذ على إدخال النور والهواء إلى الصالة. يتوّج القبة فانوس كبير يزيّن الحمام من الخارج. توجد حول الحوض إيوانات مع مدرجات. إن صالة الملابس مطلية بالكلس و ملونة بالألوان الزاهية.
في حمام النوري غرف متعددة. حيث يدخل الناس من الصالة الكبيرة إلى الغرفة الفاترة ومن بعدها إلى الغرفة الساخنة. يتم الدخول إلى هذه الغرف عن طريق ممرات صغيرة متعرجة. تزيّن هذه الغرف قباب و مقرنصات مطلية بالكلس الأبيض. يميز قباب الصالات الداخلية ثقوب مغطاة بالزجاج التقليدي الملون. يشكّل الزجاج مع الثقوب شكل نجمة كبيرة في القبة. تسمح هذه الثقوب دخول الضوء والنور إلى الصالات. حين تدخل أشعة الشمس يعكس الزجاج الملوّن ألوانه ويعطي انعكاساً رائعاً في قلب الصالات الداخلية.

تتكوّن الصالة الساخنة من عدّة غرف لكل منها دورها الخاص.
تتكوّن الصالة الساخنة من عدّة غرف لكل منها دورها الخاص. تغطّي الصالة الساخنة قبة موضوعة في أركانها على ثلاث مداميك من المقرنصات. تتوسّط الصالة مصطبة رخامية مع مساحة واسعة تسمح للمستحمين الحصول على التدليك والفرك. حول هذه المنصّة وفي زوايا الغرفة تحديداً نجد ستة حمامات. إنها حمامات صغيرة خاصة مع المقصورات. أما الجزء الآخر من الصالة يتمثّل بالجناحين الكبيرين للعائلات. بالإضافة إلى الإيوان المركزي الكبير للمستحمّين.
زيارة حمّام النوري:
يتهافت الكثير من الزائرين و السائحين من مختلف الجنسيات والفئات العمرية إلى زيارة حمام النوري والتقاط الصور من داخله وخارجه والتعرّف إلى الحضارة العريقة الموجودة فيه وإلى هندسته الجميلة.
كنا يأتي الكثير من التلاميذ من مختلف الجامعات عامة وتلاميذ فروع الهندسة خاصة إلى حمّام النوري. يقصدونه بهدف القيام بمشاريع هندسية و التقاط صور لتفاصيله التي تعود بالنفع عليهم في دراساتهم وخلال تقديم بحوثهم الشخصية التي تصبح غنية أكثر بصوره.

يتهافت الكثير من الزائرين و السائحين من مختلف الجنسيات والفئات العمرية إلى زيارة حمام النوري
الوضع الحالي لحمّام النوري:
بالرغم من أن حمّام النوري هو من أقدم وأكبر الحمامات في طرابلس إلّا أنه يعاني بسبب الإهمال من التلف والتآكل الذي أدّى إلى محي واختفاء بعض الزخارف والنقوش التي كانت موجودة فيه. نبت العشب على جدرانه مما يظهر مدى حاجة الحمّام إلى الاهتمام وإعادة الحياة والازدهار الذي كان متعارف عليه في أيامه السابقة.
الحمامات الأخرى المتعددة في طرابلس:
إنّ طرابلس مدينة كانت تتضمّن الكثير من الحمّامات الأثرية. كان عدد الحمامات يبلغ حوالي تسعة حمّامات تراثية قديمة. تم تدمير ثلاثة منها بشكل تام ولم يعد لها وجود في طرابلس. بقيت ستة حمامات موجودة ، البعض منها مازال في الخدمة والأخرى أصبحت أماكن أثرية للزيارة فقط.
إنّ حمام “النزهة” هو واحد من الحمّامات الثلاثة التي دمّرت وأزيلت. حيث جرف طوفان نهر أبو علي الذي حصل في عام ١٩٥٥ هذا الحمّام. الحمّام الثاني يدعى حمام “القاضي” والثالث هو حمّام “العطّار”. أما الحمّامات الباقية فهي حمّام “عز الدين”، حمّام الجديد وحمّام “العبد” الوحيد الذي ما زال يقدّم خدمة الاستحمام الشعبية في طرابلس .