مسجد الأويسية، توأم كنيسة في طرابلس!

مسجد الأويسية 

تُعتبر طرابلس مدينة العلم والعلماء مصدر ومنبع للأماكن التراثية والمعالم الأثرية القديمة. بفضل مرور طرابلس بالعديد من العهود والعصور كعهد الرومان، الفينيقيين، العثمانيين، الفاطميين، الصليبيين والمماليك باتت المدينة تحمل في جميع أرجائها وجدرانها أثر وذكريات متنوعة ورثتها من تلك العهود التي شهدت عليها. ساهم عهد المماليك في إحياء الطابع التراثي في مدينة طرابلس حيث قاموا ببناء الكثير من المساجد، الحمّامات، الخانات، القلاع، المدارس والأسواق التي تشكّل هوية طرابلس في يومنا هذا. ترمز طرابلس اليوم رغم بساطتها إلى التاريخ العريق، الثقافة والتراث القديم. أعطت المساجد طرابلس قيمة تجعلها مميّزة بين جميع المدن اللبنانية بل تنافس أيضاً جمال دول الشام. يعدّ جامع الأويسية من أبرز المساجد المملوكية التي أغنت طرابلس وأحيت تراثها.

موقع مجد الأويسية:  

يقع مسجد الأويسية التاريخي في طرابلس شمال لبنان. تحديداً في منطقة باب الحديد بالقرب من قلعة طرابلس عند طاعة السمك.

مسجد الأويسية

يعود بناؤه إلى عهد المماليك الذين بنوا الكثير من المساجد والمعالم التراثية فيها تخليداً لعهدهم.

تاريخ مسجد الأويسية:

يعتبر المسجد من أقدم المساجد الموجودة في طرابلس. يعود بناؤه إلى عهد المماليك الذين بنوا الكثير من المساجد والمعالم التراثية فيها تخليداً لعهدهم.تعتبر بعض المراجع أنه لا يوجد تاريخ وعام مدوّن لبناء مسج الأويسية. تم إعادة بناء المسجد في عام ١٥٣٥ ميلادي في عهد السلطان سليمان القانوني  على يد الأمير حيدرة والي طرابلس.  كان المسجد في البداية زاوية أثرية صغير ولكن تم تحويله إلى مسجد فيما بعد.

تسمية المسجد:

اختلف الناس والباحثين في معرفة سبب تسمية المسجد بمسجد الأويسية. حيث يقول أغلب الناس أنه سمّي نسبة للرجل الذي بناه “محي الدين الأويسي” و يدّعي البعض الآخر أنه لقّب بذلك نسبة للشيخ صوفي يدعى “أويس الرومي”. فيما قال القليل من الأشخاص أن المسجد أطلق عليه هذا الاسم بسبب سيدة متصوفة اسمها “أويسة”.

مسجد الأويسية

. كان المسجد في البداية زاوية أثرية صغير ولكن تم تحويله إلى مسجد فيما بعد.

هندسة وتقسيم المسجد:

يتألّف مسجد الأويسية من ثلاثة أقسام. القسم الرئيسي الذي يتمثّل بالحرم الداخلي لإقامة الصلاة، الساحة أو الحديقة  الخلفية التي تحتوي على ثلاثة قبور والمدرسة الأويسية التابعة للمسجد.

يتميّز مسجد الأويسية بوجود القبّة الكبيرة فيه. هي من أكبر القباب الموجودة في طرابلس وأقدمها. بنيت القبّة في عام ١٤٦٠ ميلادي.تتمركز القبة على  قناطر حجرية توجد فيها العديد من الفتحات الهوائية التي تدخل النور والهواء إلى داخل المسجد. للمسجد مئذنة رائعة أعيد بناؤها على يد الأمير حيدرة في عام ١٥٣٤ ميلادي. نقش هذا التاريخ في أعلى المئذنة مع الكتابات التي تشير إلى تفاصيل البناء.إن المئذنة مصنوعة من الرخام مليئة بالزخارف على شكل أزهار و ورود.

يتدلّى من سقف المسجد فانوس كبير الحجم. يتميّز المسجد بالهندسة المعمارية المملوكية التي تتميّز بجمالها وروعتها. في جدران المسجد شبابيك خشبية مربعة الشكل. بالإضافة إلى اللوحات القديمة والآيات القرآنية.

بنيت المدرسة الأويسية إلى جانب الحرم الداخلي للمسجد. إنها مدرسة صغيرة الحجم تابعة للمسجد تهدف لتعليم القرآن والحديث الشريف. تدعى المدرسة أيضاً بالمدرسة السنجقية نسبة لوالي طرابلس محمود بك السنجق الذي بناها في العهد العثماني.

نرى في الساحة أو الحديقة  الخلفية القريبة من المدرسة عدّة قبور. فقد دفن محمد بك فيها حيث وضع له قبر من الحجر الأبيض ذو عمامة عثمانية كبيرة.إلى جانب قبر الوالي محمود بك يوجد قبر ثاني يعود إلى أحد تلامذته. كان محمود بك حاكم طرابلس في عام ١٦٢١ و بنى فيها مسجد محمود بك في منطقة التبانة. في الساحة غرفة من باب خشبي يوجد فيها قبر الوالي أحمد باشا الشالق الذي كان والي عثماني في طرابلس.

مسجد الأويسية

دفن محمد بك فيها حيث وضع له قبر من الحجر الأبيض ذو عمامة عثمانية كبيرة.إلى جانب قبر الوالي محمود بك يوجد قبر ثاني يعود إلى أحد تلامذته.

مسجد الأويسية توأم كنيسة:

كانت توجد كنيسة مار نقولا تقع إلى جانب المسجد. كان المسلمين يسعون إلى توسيع المسجد لذلك تم  اتفاق بين المسلمين والمسيحيين على أن يتم إعطاء المسيحيين مكان في التربيعة لبناء كنيستهم عليه. بينما تم تحويل الكنيسة إلى مسجد السروة كملحق لمسجد الأويسية. من ثمّ تم ضمّه إلى جامع الأويسية ولم يعد موجود من بين مساجد طرابلس. بعد حدوث هذا التبديل أصبح مسجد الأويسية وكنيسة مار نقولا توأم بسبب إعادة بنائهم والتعديل عليهم في الوقت عينه.

إنّ لهذا المسجد أهمية فريدة من نوعها يعود ذلك إلى ارتباطه بكنيسة مار نقولا بالإضافة إلى وجود القبور الثلاثة فيه الأمر الذي يجعله مسجد أثري مهم وسياحي يحظى بزيارة الكثير من السائح