قصر الأحلام ، أصبح حقيقة في بخعون

قصر الأحلام:

في لبنان لا تقتصر الأحلام على النوم فقط. ولا تنحصر القصور الكبيرة في الأفلام الكرتونية التي طبعت في أذهاننا صورة قصور الملوك المزخرفة والتي جعلت كل طفل وإنسان منّا يحلم بالحصول على قصر يطابق مخيلته وأحلامه. نحن اليوم أمام قصر خرج من الأساطير و الأفلام بروعته وسحره، أمام حقيقة تمّت بعد تفكير، جهد ودقّة تنفيذ. أمام معلم من أهم المعالم المعمارية الحديثة في لبنان “قصر الأحلام”.

موقع قصر الأحلام:

تقع هذه التحفة الفنية في منطقة الضنيّة في شمال لبنان. تحديداً على تلّة في أعالي قرية بخعون التي تعتبر القرية الأولى في الضنيّة على ٣٦ قرية. يتمركز القصر بين حقول خضراء حيث يتمّ الوصول إليه فوراً بسبب ضخامته وكبر حجمه.

سبب نشأة قصر الأحلام:

كان قصر الأحلام حلم رجل من بخعون يدعى “محمد هوشر”. كان الأستاذ محمد هوشر يحلم لفترة طويلة ببناء منزل كما يحبّ ويسعى لتنفيذ البناء كما يتصوّره في مخيّلته وعقله. إلى إن جاء اليوم المنتظر وقرّر محمد هوشر البدء في بناء القصر. بدأ التنفيذ والتشييد في عام ١٩٩٤ بعد حلم وخيال دام لأكثر من ثلاثين سنة. بدأ هذا الحلم عندما قرّر محمد هوشر وعائلته الذي يسكن في طرابلس بناء منزل صيفي مع حديقة أمامه يقيمون فيه  في أيام الصيف الحارّة. طلب هوشر من محمد فرّان تزيين البيت بالألوان التي تعطي رونق خاص للمنزل. قام فرّان بدوره على أكمل وجه وأبهر هوشر ببراعته باستخدام الألوان وتلبيس الحجارة الأمر الذي دفع هوشر إلى تطوير المنزل إلى قصر ومجسمات كثيرة تحيط بالقصر من جميع الجوانب.

قصر الأحلام

. نحن اليوم أمام قصر خرج من الأساطير و الأفلام بروعته وسحره

المسؤولون الثلاثة عن التنفيذ:

لم يكن قصر الأحلام موجود أمامنا اليوم دون تضامن و اجتماع ثلاثة أشخاص مختلفين. لكل واحد من الثلاثة دور خاص ساهم في تنفيذ هذا المعلم الفني المميّز. تمثّل الأفراد الثلاثة بالأستاذ “محمد هوشر” صاحب الحلم والفكرة المبدعة. “داليدا هوشر” ابنة محمد هوشر التي حوّلت حلم والدها على ورق ورسمته بريشتها مع إضافة تفاصيلها الأنثوية الناعمة إلى المكان. والجندي الأهمّ في هذه العملية هو الأستاذ “محمد الفرّان” الذي قام ببناء القصر بيديه المحترفتين مستخدماً كسر الحجارة والعديد من الأنواع الأخرى في معمل الحديد الذي تملكه عائلة هوشر. تم تدوين وإثبات تضامن الأشخاص الثلاثة من خلال عبارة كتبها محمد فرّان على الحجر تقول ” ثلاثة عقول هوشر، داليدا وفرّان”.

مساحة وهندسة قصر الأحلام:

يمتدّ القصر على مساحة ٥٢٠٠ متر مربّع. يتألّف القصر من بيت أساسي مبني من طابقين تعيش فيه أرملة محمد هوشر الذي توفّي منذ ١٣ سنة هو و محمد فرّان الذي توفّي بعده بثلاثة أشهر فقط. يضمّ قصر الأحلام نماذج من عدّة حضارات ويجمع هندسات معمارية مختلفة ذات طابع عربي وروسي وصيني التي تعبّر عنها أشكالها وطريقة إنشائها. تملأ المكان مجسّمات الأباريق، الأزهار، الأشجار والنباتات المصنوعة من الباطون المسلّح ومغلّفة بالكثير من قطع الحجارة المكسّرة المصنوعة من عدّة موادّ. فقد استخدم فرّان أثناء بناء القصر مختلف أنواع الحجارة الرخام، الجرانيت والأونيكس والصوان والبوريلان والقاق. هذا بالإضافة إلى الحجر الأردني الذي يتميّز بألوانه الأحمر الأخضر الأسود والرمادي. أمّا جدران القصر فهي مكسوّة بالحجر العرسالي الأبيض وأرضية القصر مصنوعة من الرخام الإيطالي والحجر الصخري. تشكّل بوابة القصر بوابة فريدة من نوعها فهي عبارة عن أرزة كبيرة.

في القصر قاعة ديوانية كبيرة كان هوشر يستخدمها لاستقبال الضيوف. تتألّف القاعة  المسقوفة من قنطرة للدخول. تتوسّط القاعة نخلة كبيرة مع وجود مقاعد كثيرة تحيط بالنخلة من جميع الجوانب. زيّنت القاعة بالبورسلان الملوّن الأحمر على الأخضر والأصفر على البني. هذا بالإضافة إلى وجود كتابة الله بالخط العربي والتركي.

إلى جانب القاعة نجد برج من الحجر الصخري العرسالي ذو الرسومات المنقوشة بالمغرة وملبّسة بحجر القاق الذي يلمع عند وصول أشعة الشمس عليه.

نرى في القصر أيضاً مغارة تم بناؤها بواسطة الحجارة التي بقيت من الحفريات والقطع التي زادت أثناء العمل. إلى جانب المغارة مساحة خضراء واسعة مزروعة بالأشجار والعشب الأخضر.

قصر الأحلام

يمتدّ القصر على مساحة ٥٢٠٠ متر مربّع

المجسّمات المختلفة الموجودة:

لم يكتفي محمد هوشر ومحمد فرّان ببناء منزل، برج، مغارة وقاعة ديوان بل صمّموا وبنوا الكثير من المعالم والرموز اللبنانية.  التي تعود إلى حضارات قديمة مختلفة. حيث نجد في القصر مجسّم لسفينة فينيقيّة، قلعة بعلبك الرومانيّة، الأرزة اللبنانيّة، مدافع عسكرية، سيّارة ذات طراز قديم، قنطرة تجمع الرموز الدينيّة المختلفة في وسطها، جرن الكبّة، صخرة الروشة، الخيول، الرماح والسيوف و قلعة عنجر. حتّى خزان المياه لم يصنع بشكل عادي وتقليدي بل لبّس بالحجارة وكتب عليه كلمة “مصر” وزيّن بالزخارف والنقوش الفرعونيّة المصريّة.

قصر الأحلام بعد وفاة محمد هوشر:

استلم قصر الأحلام ابن محمد هوشر الأستاذ طلال هوشر الذي عمد إلى إكمال رسالة والده وحلمه بتمديد الكهرباء والمياه وصناعة الأرضيات الباقية من القصر.

قصر الأحلام

يحظى القصر بالكثير من الزيارات والسياحة في أرجائه.

قصر الأحلام والسيّاحة:

يحظى القصر بالكثير من الزيارات والسياحة في أرجائه. حيث يقوم آلاف الناس من الجنسية اللبنانية ومختلف الجنسيات الأخرى بزيارة القصر والتقاط الصور فيه والاستمتاع بروعته المعمارية الهندسية اليدوية التي تبهر العين و تدهش الناظرين. لكنّه مع الأسف لم يحصل على الأهميّة التي يستحقّها من قبل الإعلام ووزارة السياحة الأمر الذي يحزن  عائلة هوشر وأبناء قرية بخعون أيضاً.