منجز، مسكن الإنسان على مرّ الدهور !

هي بلدة ساحرة من قضاء عكّار، هي بلدة الآثار الفريدة من نوعها، هي بلدة البيوت والكنائس المصنوعة من الحجر الأسود البزلتي، هي بلدة المعبد الروماني الأثري، هي بلدة أشجار الغار المهمة للعناية والتجميل، هي البلدة الأولى في التجارة العادلة. إنّها بلدة منجز العكّارية !

موقع بلدة منجز:

تقع بلدة منجز في قضاء عكّار وتنتمي إلى محافظة الشمال. يبلغ ارتفاع البلدة عن سطح البحر بين ٣٠٠ و ٤٥٠ متراً. تمتدّ البلدة على مساحة ٦٠٠ هكتار أي ما يعادل ٦ كيلو متر مربّع. تبعد بلدة منجز عن عاصمة لبنان مدينة بيروت ١٤٠ كيلومتراً.

منجز

معنى اسم بلدة منجز:

مثل معظم البلدات اللبنانية العريقة اكتسبت بلدة منجز اسمها من اللغة السريانية. حيث يعود أصل كلمة منجز إلى الجذر السرياني. ترمز كلمة منجز إلى الكنز المدفون باللغة العربية. ينطبق هذا الاسم على بلدة منجز فهي تحتوي على الكثير من الآثار والبقايا المهمة المدفونة تحت الأرض والتي تستحق التنقيب والبحث حتى تبصر النور.

دير سيدة القلعة في منجز:

بدأت قصة هذا الدير في عام ١٨٩٨ حيث كان هناك تلّة خضراء مرتفعة وكان الناس يحبّون الصلاة فيها للسيدة مريم العذراء. حصلت العديد من حالات الشفاء من خلال الصلاة على هذه التلة أحدها عندما أخذت العاصفة القوية ابن أحد الأشخاص فرفع رأسه نحو التلة وطلب من مريم العذراء نجاة ولده وهذا ما حدث.

كما قام أحد الأشخاص المقعدين اسمه بولس الخوري سليمان بالصلاة على التلة وطلب الشفاء و وعدها أن يعمّر لها مزار ويخدم فيه وقد استطاع المشي ثاني يوم. بدأ بناء هذا المزار في ٢٥ آذار ١٨٧٧. وفي عام ١٨٩٢ قام العديد من الرهبان الذين يبنون أديرة وكنائس في المناطق النائية بإضافة كنيسة ومدرسة عليه. أمّا عملية الترميم فقد تمّت في عام ٢٠١٢. يتميز هذا الدير بأنّه مصنوع من الحجر الأسود من الخارج وتلوّنه من الداخل القناطر الزرقاء التي تضفي رونق خاص أمام الناظرين.

القبور الميغاليتية في بلدة منجز:

تمتاز بلدة منجز عن غيرها من البلدات اللبنانية بوجود أنواع فريدة من نوعها من الآثار والمعالم الأثرية القديمة. أحد أهم وأبرز هذه المعالم هي القبور الميغاليتية. بدايةً نع تعريف معنى كلمة ميغاليتية: تتألّف هذه الكلمة من قسمين mega و letus أي الأحجار الضخمة. تحتوي بلدة منجز على ٨٥ قبر من هذه القبور. تتوزّع على مساحة ٥٠٠ متراً. تتعدّدد أنواع القبور الميغاليتية الموجودة بين ثلاثة أشكال دائرية أو مستطيلة أو مربّعة. تم إيجاد داخل هذه القبور عدد كبير من الآثار التي تم أخذ البعض منها و وضعها في متحف الجامعة اليسوعية. يقال أنّ لهذه القبور علاقة بالنجوم والأبراج الفلكية.

المعبد الروماني في منجز:

لا تتوقف الآثار في بلدة منجز على القبور الميغاليتية فقط بل تتعدّى ذلك بوجود المعبد الروماني القديم. يختلف هذا المعبد عن غيره من المعابد الرومانية الموجودة في لبنان هو أنّه الوحيد المصنوع من الحجر الأسود البزلتي. يتألّف المعبد من قبو و صالة واسعة وغرف جانبية.

تعرّض القسم الأكبر من المعبد للتدمير بسبب الحروب والعوامل الطبيعية ولكن ما زالت بقايا حجارته السوداء موجودة على الأرض في نفس المكان. يقع المعبد بالقرب من نبع مياه مثل كل المعابد الرومانية حتى يستطيعوا التزوّد بالمياه.  بني المعبد على عدّة مراحل وكانت آخر مرحلة لعبادة الإلهة نمزس التي تشكّل إلهة العدالة والانتقام لديهم.

منجز

الزراعة في بلدة منْجز:

بفضل التربة البركانية الخصبة استطاعت بلدة منجز أن تبرع في زراعة العديد من الأنواع والمحاصيل الزراعية. كان أهالي ومزارعي منجز يقومون بزراعة الكثير من أنواع الحبوب مثل القمح والعدس وغيرها ولكنّها اليوم انقرضت مع الأسف. لذلك أصبح التركيز على أشجار الزيتون والعنب واللوز. لا يعتبر أهالي بلدة منجز الزراعة مصدر للتجارة والربح بل هي وسيلة للاكتفاء الذاتي لهم  وما يتبقى يبيعونه بأسعار رمزية.

هذا بالإضافة إلى تربية النحل وإنتاج أجود أنواع العسل الذي يتم إنتاجه مرة واحدة في السنة وهي في شهر أيلول. لا يعتمد النحالين في منجز على أخذ النحل وتربيته في مناطق أخرى بل يبقى في أراضي البلدة يرعى وينمو من أجل الحصول على عسل ذو طعم شهي وأصلي دون أي إضافات.

الحرش الأسود في منْجز:

يشكّل الحرش الأسود في بلدة منجز غابة خضراء تمتدّ على مساحة ٣٠ هكتار. تقع الغابة على ضفاف النهر الجنوبي الكبير وهي من أهم المعالم الطبيعية في بلدة منجز. أطلق عليها هذا الاسم نظراً لغزارة الأشجار فيها مما أدّى إلى حجب نور الشمس عنها.

تنتشر أشجار السنديان والصنوبر والعفص فيها ولكنّ النوع الأكثر انتشاراً هو الغار. تم بتعاون جمعية أوروبية وجامعة البلمند بإحضار آلتين لاستخراج زيت الغار من حب و ورق الغار. يعدّ زيت الغار من أهم الزيوت للمنتجات التجميلية.

بلدة منْجز والتجارة العادلة:

انتسبت بلدة منجة إلى جمعية التجارة العادلة وهي جمعية عالمية مقرها لندن. تعتبر بلدة منجز الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط بين ١٨٥٢ بلدة التي تنضم وتطبق هذا المفهوم من التجارة. يتم تنفيذ هذه التجارة خلال مهرجان التجارة العادلة الذي يقام في ١ آب من كل عام بمناسبة عيد مار دانيال في ساحة البلدة. يعتمد مفهوم هذه التجارة على بيع المنتجات من المزارع والصانع إلى المستهلك فوراً دون أي صلة وسطى بينهم.

تعرف أكثر على بلدة الباروك!